اعدت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 عددا من الخطط لبناء منظومة من المشاريع بلغ عددها 9 آلاف مشروع كان الهدف منها اعادة اعمار العراق وبناء قاعدته التحتية من خلال استثمار المنح الدولية والقروض الخارجية والايرادات المالية المتحققة من تصدير النفط وكان المنتظر ان تحول هذه المشاريع العراق من دولة متخلفة الى دولة متقدمة الا ان معظم تلك المشاريع تعطلت وتحولت الى اطلال، لماذا؟
من الواضح ان الحكومات المتعاقبة لم تأخذ في الاعتبار حجم المشاكل والتحديات التي كانت تواجه عملية التنفيذ فان ابرز تلك التحديات كانت اكثر تأثيرا من تلك الخطط التي لم تكن وقتها سوى ارقام صماء، ويمكن تلخيصها بأربعة محاور اساسية يتجلى المحور الاول في المعوقات الفنية والادارية التي تجد تعبيرها في تأخر وغموض في فلسفة الموازنات الاتحادية العامة واعدادها خارج القاعدة الدستورية التي الزمت اعداد هذه الموازنات ارتباطا بوجود الحسابات الختامية فضلا عن قلة التخصيصات المالية لتنفيذ المشاريع المخططة وهذا التقدير يرتبط مع جنبة عدم التنسيق بين الوزارات المعنية بالتنفيذ وما رافق ذلك من التجاوزات على الاراضي المخصصة للاستثمار او التأخر في استملاكها. اما المحور الثاني فيتجسد في المعوقات المالية التي تتمظهر في طول الاجراءات المعمول بها في اطلاق الدفعات المالية واستلامها من قبل الوزارات زد على ذلك تعدد الجهات الرقابية المتمثلة بـ (هيئات النزاهة والرقابة المالية ومكاتب التفتيش) والمشاكل المتعلقة بالضرائب والرسوم وقلة المبالغ المحولة للمشاريع قيد التنفيذ اما المحور الثالث فيتجلى في عدم قيام الجهات المتخصصة بفتح الاعتمادات المستندية للعقود الاستيرادية التي تحتاجها المشاريع والخاصة بكل وزارة ويشمل المحور الرابع على المعوقات الفنية وخاصة ما يتعلق بتأخر اعداد التصاميم الخاصة بالمشروع وضعف امكانيات الشركات المنفذة وعدم مطابقة المواد الانشائية مع المواصفات وفشل دور المهندس المقيم.
بيد ان الادهى في كل هذه المعوقات هو انتشار الفساد المالي والاداري في معظم الوزارات افقيا وعموديا الذي لم تنفع معه كل تلك الاجهزة الرقابية التي تحدثنا عنها والتي قد تكون هي الاخرى مصابة بهذا القدر او ذاك بهذه اللوثة والتي سهلت هدر الاموال وسرقتها وعدم جديتها في محاسبة الفاسدين.
وحسب المعلومات المصرح بها فان عدد المشاريع التي تم تنفيذها تقل عن 3 آلاف مشروع وتوقف اكثر من 6 آلاف مشروع عن الانجاز الكامل فاذا علمنا ان المشاريع المنجزة او هكذا يمكن توصيفها قد كلفت الدولة 100 مليار دولار فان 100 مليار دولار قد تكفي بحسب بعض التقديرات الى انجاز البعض من المشارع التي حققت اعلى نسب الانجاز . اننا نعتقد ان الحكومة المتوقع تشكيلها مطالبة باعداد الخطط العملية لتنفيذ هذه المشاريع ولكنها قبل ذلك مطالبة بشن حملة واسعة لا هوادة فيها على الفاسدين افقيا وعموديا لضمان وصول التخصيصات اللازمة الى اماكنها الطبيعية وان تأخذ في الاعتبار اتباع جملة من الاليات نشير من بينها الى :
التركيز على آلية التنسيق الكامل والواضح بين الوزارات المشتركة في التنفيذ ابتداء من تخصيص قطع الاراضي مرورا بتوفير التخصيصات المالية وصولا الى المباشرة في التنفيذ على ان تتحمل وزارة التخطيط مسؤولية التصنيف الامثل لشركات المقاولات باعتماد معايير الخبرة والتجربة بالاضافة الى توفر رأس المال.
متابعة الالتزامات الدولية المعلنة في مؤتمر الكويت المنعقد في شهر آذار الماضي حيث تم التخطيط لانجاز 212 مشروعا من خلال استثمار تلك البلدان مع طمأنتها بتوفير االبيئة الآمنة وشفافية الاستثمار بعيدا عن آفة الفساد المتربصة بتلك المشاريع وامثالها.
تفعيل دور الجهاز المصرفي الحكومي والاهلي لفتح الاعتمادات ووضع الآلية التي تختصر الوقت اللازم لفتح الاعتماد.
تكليف شركات عالمية استشارية في مجال الحسابات للقيام بعملية اعادة تقييم المشاريع المتلكئة والتعرف بشكل ادق على اسباب التلكؤ من خلال التحاور مع الشركات المعنية ومقدار العمولات المدفوعة للجهة الحكومية.

عرض مقالات: