هل نذيع خبراً يستدعي الدهشة أو المفاجأة لو قلنا إن كل ما حصل في العراق بعد عام 2003 إنما كان جزءاً من طوفان دولي وحراك اقليمي واسع النطاق؟ هل كانت (عمليتنا السياسية) تجري بمعزل عن الارادات الدولية (هذه الارادات التي من العبث أن يجري تصنيفها على أنها ارادات للخير وأخرى للشر).
إن (الملف العراقي) ملف دولي بامتياز منذ غزو النظام السابق للكويت عام 1990، وتجسّد هذا التدويل بحزمة من القرارات الأممية التي انتهت الى إقدام الولايات المتحدة على غزو العراق منفردة عام 2003. ثم عاد الملف الى التدويل مرّة أخرى حين اشرفت الأمم المتحدة على صياغة أولى القواعد السياسية لتشكيل الحكومة الوطنية في العراق. ومنذ ذلك الحين ونحن نسمع ونشاهد ونحس ونشعر ونلمس أبرز (التدخلات) الأجنبية في الحياة السياسية العراقية، سواء كانت تدخلات إيرانية أم أمريكية، أو من أي دولة أخرى لها مصلحة في العراق. دول قد لا يخطر على بال أحد انها تدخلت بالحياة السياسية العراقية. وأخرى دفعتها مصالحها الاقتصادية والاقليمية ومصالح أخرى.
لهذا كله، حين يتحدث طرف سياسي كان في صلب عقدة السلطة لسنوات طويلة، السلطة التي نتجت بشكل مباشر من عملية سياسية ترعاها أطراف دولية، حين يتحدث هذا الطرف عن التدخلات الخارجية عليه أولاً أن يعرّف لنا ما المقصود (من وجهة نظره) بالتدخلات الخارجية!
لو كانت هذه التدخلات على سبيل المثال ستأتي بكرسي الوزارة اليك، هل كنت ستفضحها فعلاً؟.. هل كنت ستدعو الى كف الأيادي الخارجية فعلاً؟ حتى لا نتورّط بالتنجيم وضرب الرمل، أقول إن السيرة الماضية لمعظم الشخصيات النافذة في الحكومات السابقة كانت تتزاحم قولاً وفعلاً على نيل رضا هذه التدخلات الخارجية.
لنا فقط أن نتذكر حج بعض السياسيين الى أنقرة وعمّان وطهران كلّما مرّت بهم أزمة استحكمت حلقاتها وشارفت أن تفضحهم وتفضح أداءهم الخدمي والسياسي الهزيل.
التدخلات الخارجية ليس علاجاً أو دواءً من منشأ رصين، فنصبر عليه ريثما يأتينا بالشفاء، إنما هي علّة هي مصدر للألم، فلا تنه عن خُلقٍ وتأتي مثله....
الأمور ليس حراماً على الآخرين وحلالاً لكم....على الأقل احترموا ذكاء الناس وأنتم تكلمونهم...

عرض مقالات: