في خضم التقدم الحضاري والتكنولوجي، نجد ان حكومات غالبية دول العالم المتطور، تسعى إلى تقديم الخدمات التي تلبي حاجة الانسان وتسهل حياته وتحقق آماله في مختلف المجالات. ولعل الخدمات الصحية هي الاهم كونها تمس حياة الناس بصورة مباشرة. وبذلك نجد المؤسسات الصحية في تلك الدول، بمدنها وأريافها، تعمل ليل نهار، وتقدم خدماتها إلى كل الفئات العمرية وكل شرائح المجتمع، على اعتبار ان الانسان وهو الهدف السامي للنشاطات المجتمعية بكل انواعها واشكالها واهدافها.
قبل اكثر من عشر سنوات أقدمت وزارة الصحة العراقية على خطوة صحيحة، سبقتنا اليها دول كثيرة مثل بريطانيا والهند ومصر، الا وهي استحداث "خدمة استشارية طبية هاتفية على الرقم 404"، يستطيع المواطن بواسطتها الاتصال بدائرة استشارية تعمل على مدى اليوم، يعرض عليها حالته الصحية والاعراض المرضية الطارئة التي يصاب بها، ليجيبه الاطباء الاختصاصيون بكل ود وترحيب، ويشخصون حالته وينصحونه باستخدام الدواء المناسب. وهذه الخدمة التي تغطي مدن العراق من شماله الى جنوبه، يحصل عليها المواطن مجانا، وكان من ضمن فوائدها انه إذا أصيب المواطن بحالة مرضية صعبة، تقوم الجهة الاستشارية بالاتصال بأقرب مركز صحي، لتوفير سيارة إسعاف تقله إليه.
ان هذه الخدمة الطبية الإنسانية مهمة وسهلة التطبيق، وتعود بالفائدة الكبيرة على المواطنين، لا سيما الفقراء وذوي الدخل المحدود والذين يسكنون بعيدا عن مراكز المدن، إلا انها توقفت لدواعي التقشف والأزمة الاقتصادية، ما أضر بالمواطنين الذين كانوا يستفيدون منها كثيرا.
وسبق ان ناشدنا عبر "طريق الشعب" وزارة الصحة لإعادة تفعيل خدمة "الاستشارة الطبية"، كون تكاليفها ليست كبيرة، ونظرا لفوائدها التي تقع على المواطنين. وبالفعل استجابت الوزارة لمناشدتنا، وشكلت لهذا الغرض لجنة تقوم بحساب تكاليف المشروع وتحدد الإيجابيات التي تتحقق منه، إلا ان موضوع اللجنة بقي حبرا على ورق، وأهمل الأمر وأصبح حبيس الأدراج والمكاتب!
نأمل من وزارة الصحة إعادة النظر في هذه الخدمة المهمة والجليلة، وتوجيه اللجنة بدراستها مجددا، والإيعاز بتفعيلها لما لها من مصلحة كبيرة لشرائح الفقراء والكادحين.