لا أظن أن كهلاً أو شيخاً عراقياً، لم يقرأ هذا الكتاب أو لم يسمع به، لما يتضمنه من معلومات وعبارات تداعب النفس البشرية وخلجاتها، وتطرب الأفئدة، وتحلق بها في سماء صافية، وان كانت وهمية. وهذه الرغبة الإنسانية مشروعة ولا غبار عليها لأنها تتعلق بطموح الإنسان في أن يظل شاباً طيلة حياته، وان يتمتع بمباهج الدنيا وجمالها، وهي لاتضر أحدا على الإطلاق.
بعض الخاسرين في مجلس النواب، أعجبهم الكتاب كثيراً على مايبدو، فأرادوا إعادة إنتاج ماورد فيه سياسياً، ولهذا بذلوا المستحيل، وتفننوا في التحايل على القانون والدستور، ليجددوا "شبابهم النيابي" وليتربعوا من جديد على مقاعد البرلمان الوثيرة، لاحباً بالشعب العراقي وخدمته طبعاً، فهذا آخر مايفكرون به، وإنما من اجل المال والسلطة والنفوذ، علماً بأن غالبيتهم كتبت على جباههم كلمة "اكسباير" منذ لحظة دخولهم إلى البرلمان، بل قبل أن تجعلهم الصدفة يتسللون إلى عالم السياسة!
والمفارقة أنهم لم يكتفوا بالتعديلات الخرقاء التي ادخلوها على قانون الانتخابات الجائر، وآخرها التعديل الثالث، الذي لم تقبل المحكمة الاتحادية بكل ما جاء فيه، وألزمت الجميع بأعادة العد والفرز اليدوي في الصناديق المشكوك فيها، أو التي وردت شكاوى حمراء بصددها. ومع ذلك لم يرعو المتهالكون على السلطة ولم يلتزموا بقرار المحكمة الاتحادية، في تحد سافر لها، وللقوى السياسية والرأي العام العراقي، وسعوا بكل طاقاتهم الى اقرار التعديل الرابع، الذي كان هدفه الأول والأخير إطالة عمر البرلمان إلى مابعد المصادقة على نتائج الانتخابات، في مخالفة صريحة للمادة (56) من الدستور العراقي، الذي يفترض أن يكونوا هما حماته والأكثر حرصاً على تطبيقه، وقد فشلوا في تمريره، وهو ما يعدّ فألاً حسناً للعراقيين السيئي الحظ أزلياً.
إن مساعيهم اللاقانونية هذه لاتحتاج إلى ذكاء لمعرفة النوايا المبيتة من قبلهم، في إلزام مفوضية الانتخابات باجراء العد والفرز اليدوي لجميع المحطات الانتخابية سواء المقدمة بخصوصها شكاوى أو طعون أو التي لم تقدم، وبالتالي توفير الفرصة لبعض الخاسرين في اعتلاء منصة البرلمان مجدداً، دون أن يفكروا في مدى التأثير السلبي الذي ستتركه على البلاد، وإدخالها في أزمة سياسية جديدة، إضافة إلى الكم الهائل من الأزمات المسؤولين هم وكتلهم قبل غيرهم عن وجودها واستمرارها.
لقد اعترضت قوى سياسية وشخصيات قانونية بارزة على شرعية التمديد لمجلس النواب، واعتبرته انقلاباً سياسياً وسابقة خطيرة، وخرقاً للدستور العراقي، وأكدت على قرار المحكمة الاتحادية الذي حدد عمر مجلس النواب بأربع سنوات تقويمية تنتهي في 30حزيران 2018، وقد نجحت في ردع المتهالكين على السلطة وامتيازاتها، وكل منتهكي الدستور، نواباً وغيرهم.
إن الوضع البائس الذي يعيشه العراقيون، يتطلب الإسراع في تشكيل الكتلة الأكبر، ومن ثم الحكومة، ببرنامج عمل يتجنب أسباب الفشل والفساد والمحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة، ويرفع من مستوى اللحمة الوطنية، باعتماده المواطنة مبدأ أساسياً، وبناء دولة مدنية ديمقراطية، توفر قدراً معقولاً من العدالة الاجتماعية.

عرض مقالات: