ما إن أعلن الحزب الشيوعي العراقي تحالفه في اطار كتلة "سائرون" حتى انبرت أصوات احتجاج وتشكيك، من داخل الحزب ومن خارجه. قسمها الأعظم كان بحسن نية وعن خشية على الحزب وسلامته. كذلك وبغض النظر عن حسن النية من عدمها، فان البعض حاول أن يذكرنا بتحالف 1973، ناسيا او متناسيا بأنه لا يمكن إسقاط حدث في تاريخ محدد على حدث آخر تفصله عن الأول عدة عقود، ناهيك عن المعطيات والظروف التي أحاطت ذلك التحالف!
وكان قد سبق الإنضمام الى سائرون إجراء استفتاء داخل الحزب، انجز خلال 48 ساعة، وساهم فيه الكادر الحزبي، ولم يكن قرارا انفراديا من هذا الرفيق او ذاك.
والأهم في الموضوع هو الاتفاق على برنامج إصلاحي واضح المعالم، حدد توجه هذه الكتلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وقد تم نشر هذا البرنامج على نطاق واسع.
أضف إلى ذلك، اقرار النظام الداخلي لكتلة "سائرون"، الذي يؤكد على الاستقلال السياسي والفكري والتنظيمي بذلك لجميع الأطراف المؤتلفة في هذا التحالف.
وبفضل الجهود المشتركة للجميع، خاصة القاعدة الجماهيرية الواسعة المتضررة من سياسات الحكومات السابقة، استطاعت "سائرون" ان تحقق المركز الأول، على مستوى العراق، في هذه الانتخابات. وبذلك قلبت الطاولة في وجه القوى المتنفذة والفاسدة التي لم يكن في حسابها ان تمنى بهكذا خسارة. الناخب الذي صوّت لصالح سائرون، أما ان يكون، أصلا، متعاطفا مع هذه الكتلة، او انه ضاق ذرعا بالمتنفذين الذين لم يحققوا إنجازا ملموسا يمس حياة المواطن في الخدمات العامة والصحة والاقتصاد والتعليم!
وإذا ما أضفنا إلى تلك الجهود الخيرة إصرار مجاميع كبيرة من المواطنين على عدم المشاركة في التصويت، فإننا نفهم بسهولة أسباب الخسارة التي منيت بها تلك القوى التي حاولت أن تستغل مفردة " المدنية " بطرق ديماغوجية، ملتوية، لم تنطل على أبناء شعبنا.
أما بالنسبة لفوز الحزب الشيوعي العراقي في هذه الانتخابات، فسوف لن يقلل او يزيد من قيمته عدد الكراسي، لان "الشيوعي" الذي سيدخل البرلمان، سيبقى عينا ساهرة على تنفيذ البرنامج الاصلاحي، الذي ساهم بكتابة خطوطه العريضة ضمن تحالف سائرون!
الطريق ليس مخمليا، وتفرعات الطريق مليئة بالمطبات، وسائرون لا يمكنها لوحدها، تعبيد طريق الاصلاح وإنجاز برنامجها. لا يمكنها.. من دون مساهمة كل الشرفاء الوطنيين في هذه الكتلة او تلك!