يعد التهريب من الظواهر الخطرة على الاقتصاد العراقي وتهديم الاسس الاخلاقية للمجتمع، بل وتهديدا خطرا على الأمن الوطني لدوره في ادخال البضائع الى البلاد واخراجها منها بصورة غير شرعية من خلال الامتناع عن دفع الرسوم الكمركية والضرائب المقررة قانونا خلافا لاحكام المنع والتقييد المنصوص عليها في القوانين وسرقة عشرات المليارات من الدنانير.
ومن الواضح ان انواع التهريب الواردة في تقارير الاجهزة المختصة تشمل المخدرات والنفط والاغنام والادوية والبضائع الاخرى المختلفة بالاضافة الى تهريب البشر والاعضاء البشرية، وهي بمجملها راحت تشكل ظاهرة خطيرة مقلقة للحكومة والمجتمع على حد سواء، فتشير اخر الاخبار المتداولة في وسائل الاعلام الى ان السلطات المختصة قد استطاعت ضبط 79 شاحنة محملة ب1614طنا من المواد الكيمياوية كانت معدة للتهريب في ميناء ام قصر الشمالي بجواز سفر مزور صادر من الميناء وبموجب اجازة استيراد مزورة. وقبل ذلك اعلنت السلطات ذاتها ضبط عشرات الملايين من الحبوب المخدرة التي تسمى (الكبتاغون). ويقدر الباحثون في الشان الاقتصادي ان ما يهرب من البترول تقدر قيمته بثلاثة ملايين دولار سنويا .بالاضافة الى ظاهرة التهريب استفحلت بشكل خطير ظاهرة الاستيلاء على عقارات الدولة من قبل صاحب احدى شركات تجارة العقارات، ولم تقتصر عمليات التزوير على عقارات الدولة بل شملت بيوت المواطنين ايضا .
ظاهرة التهريب نشطت بشكل غير مسبوق بعد التغيير في عام 2003 بعد ان اخذ الانفلات الامني مداه الاخطر نتيجة لضعف الاجهزة الامنية وحداثة تشكيلها من عناصر قليلة الخبرة ووسائلها بدائية بخلاف المهربين الذين اتخذوا من التهريب مهنة تدر عليهم دخلا وفيرا، وتمتلك عصابات التهريب اساليب ماكرة خصوصا في المناطق الجبلية اذ استطاعوا ترويض البغال على نقل المواد المهربة عبر مسالك يتم تدريب هذه الحيوانات على السير فيها دون مرافقة البشر لتصل الى مهربين اخرين في الطرف الاخر.
وعلى الرغم من ان الاجهزة الامنية قد اكتسبت خلال الفترة المتاخرة المزيد من الخبرات في مكافحة حالات التهريب اذ استطاعت هذه الاجهزة والقوات المشتركة القبض على سبع شبكات لتهريب المخدرات واعتقال اكثر من مائتي مهرب بينهم ايرانيون وافغان، وهذه المخدرات من الكمية ما تكفي لسكان بغداد جميعهم، كما استطاعت ضبط 15 مليون من الحبوب المخدرة كان مصدرها موانيء دبي وادخلت عبر موانيء البصرة من نوع (الكبتاغون ) .
واذ نشير في هذا المجال الى ضعف الاجهزة الامنية كسبب في انتشار ظاهرة التهريب فان الفساد الذي يجتاح المنافذ الحدودية والموانيء هو من الاسباب البارزة لتفاقم هذه الظاهرة يضاف الى هذه الاسباب الطلب الكبير المؤسف على المخدرات بانواعها الحشيشة والهيرويين والكرستال والكبتاغون خصوصا في اوسط الشباب .
لما تقدم ولان التهريب بكل حالاته يشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد العراقي الذي يعاني بالاصل من العديد من الامراض التي تتطلب وضع استراتيجية تجمع بين تنشيط الاقتصاد بكافة قطاعاته الانتاجية وتقليص هذه الظاهرة الى حدها الادنى، مما يتعين دراستها بصورة شاملة ووضع المعالجات الجادة، ونقترح في هذا المجال ما يلي :
1. التنسيق التام مع دول الجوار بشان مراقبة الحدود من خلال توسيع حرس الحدود وتكثيف استخدام الطائرات السمتية والطائرات المسيرة وضبط حركة الرقابة على الموانيءوالمنافذ الحدودية باستخدام الاجهزة الالكترونية وتوسيع استخدام الكلاب المدربة.
2. رفع مستوى العقوبات المفروضة في حق المهربين والمروجين لدرجة الاعدام وتطبيقها على الموظفين المتواطئين للحد من ظاهرة الفساد التي لا تقل خطرا عن الارهاب .
3. ايقاف تدخل المنظومات التي تمارس الضغط على موظفي الموانيء والمنافذ الحدودية لتمرير البضائع المهربة بهدف الاستحواذ على الموارد المالية واستخدامها لاغراض انتخابية وتعظيم ثرواتها .

عرض مقالات: