حملت وسائل الاعلام خلال الاسبوع عناوين مهمة تخص القطاع الزراعي، الذي يعول عليه كثيرا في تأمين سلة الغذاء للمواطن العراقي من منتوجه الوطني. هذا المنتوج الذي يتعرض الى المضايقة والتضييق من جهات عدة ، داخلية وخارجية ، مع استمرار  نشاطات التهريب والاستيراد العشوائي وما يسببان من نزف للعملات الصعبة وتحويلها الى خارج العراق ، في وقت تشتد فيه الازمة الاقتصادية والمالية وتعصف حتى برواتب الموظفين والمتقاعدين، وتضعف إمكانية تامين المتطلبات الأساسية للمواطنين وبضمنها الصحية والتموينية . 

ولا شك ان القطاع الزراعي تراكمت فيه مشاكل عدة جراء التخبط وسوء الإدارة، ويأتي فِي المقدمة النهج الذي لا يعير اهتماما لتنمية القطاعات الإنتاجية، خصوصا أيام الوفرة المالية التي ولدها ارتفاع أسعار النفط. فحينها كان احد المسؤولين، وهو في موقع مقرر، يكرر القول:” عندنا المال ونستطيع شراء كل شيء “. بهذه العقلية كان يدار اقتصاد البلد حتى “ وقع الفاس بالراس”.

وكم مرة قال مسؤولون ان الدولة  تدفع لمنتجي الحنطة والشعير والذرة اكثر مما لو تم استيراد هذه المواد من الخارج، متناسين عن عمد وقصد كلف انتاج الدونم الواحد المرتفعة  عندنا، وضآلة ما  تقدمه الدولة من دعم للفلاحين وخاصة في الكهرباء والوقود والبذور المحسنة، فيما يبقى من مهام الدولة استصلاح الأراضي وصيانتها وتوفير المياه، ويتناسون أيضا  ان  تنشيط الزراعة يوفر فرص عمل ودخل لملايين العراقيين.

ان هناك شروطا عدة للنهوض بالقطاع، ومن الواجب سماع   صرخات  مسؤولي وزارة الزراعة ذاتها، التي تتعالى داعية لحماية المنتح الوطني ووقف “الحرب الشعواء “ على الزراعة وسياسة اغراق البلاد بالمحاصيل المستوردة، وان يكون تطوير هذا القطاع نهجا ثابتا للدولة ولراسمي السياسة الاقتصادية. والمطلوب طبعا ان تخصص الأموال الكافية لذلك، وحسب المنظمات الدولية ذات العلاقة يفترض ان لا تقل التخصيصات عن ١٠ في المائة من الدخل الوطني.

كما ان هناك جهدا مطلوبا على كافة المستويات لتأمين حصة عادلة للعراق من المياه، ومباشرة مباحثات جدية مع تركيا وايران في هذا الشأن، والانطلاق أولا وأخيرا من حاجة العراق ومصلحته بعيدا عن حسابات الربح والخسارة سياسيا .

ان استنهاض القطاع الزراعي مهمة لا تقبل التأجيل، ان كانت هناك نية صادقة في  تنمية القطاعات الإنتاجية في بلادنا، والتقليل التدريجي من الاعتماد على النفط واسعاره غير المستقرة، والتي لا نستطيع التحكم فيها .

هذا هو طوق النجاة وبعكسه لن نحصد غير المزيد من الصعوبات المالية والاقتصادية، التي لا تنفع في مواجهتها القروض الداخلية ولا الخارجية!

عرض مقالات: