قد يبدو طبيعياً أن يتودد مرشحو الانتخابات من سدنة الفساد وممثليهم ومن لف لفهم من مسؤولين حكوميين ونواب، لفئة الشباب التي تشكل اليوم أكثر من نصف سكان العراق. فوفقا لتقرير" USAID" الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومنظمة FORAS الامريكية في تموز العام 2017 فان معدل أعمار نصف سكان العراق يقع دون الـ 25 عاما، فيما يدخل (400000) شخص بالغ فئة القوى العاملة سنويا. وفي الوقت الذي وصل فيه المجموع الكلي للخريجين الى 565357 خريجا، أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في يوم 3 أيار 2018 وحسب قاعدة بياناتها على أن عدد الباحثين عن العمل بلغ 571 الفا و461 مواطناً للمدة من منتصف العام 2015 ولغاية شهر اذار من العام الحالي.

ولعل أقل ما يوصف به هذا التودد، إنه تودد زائف يستند الى سيل من الترهات والوعود الكاذبة، لأن أصحابه يسعون الى كسب أصوات الشبيبة، دون  أن يجرؤ أحد من هؤلاء الأدعياء اللاهثين وراء المال الحرام والجاه الأجوف على الاعتراف بالأسباب التي أدت الى مايعانيه الشباب من صعاب جمة، أو أن تلامس إدعاءاتهم المشاكل الحقيقية التي تعاني منها الشبيبة العراقية، وخصوصا البطالة المتفاقمة التي تزداد يوما بعد يوم.

ويأتي عجز المتحاصصين والفاسدين عن حل مشاكل الشباب لأنهم وببساطة المسؤولون عنها عبر فوضى إدارة دولتنا الريعية، ونهب المال العام وعدم الاهتمام بالتنمية الصناعية في القطاعين العام والخاص وإهمال القطاع الزراعي والخدمي، وإغراق البلاد بالمستورد على حساب المنتوج الوطني وعدم ربط مستقبل التعليم ومؤسساته البحثية والعلمية مع حاجات البلد التنموية الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة الى الأداء الحكومي السيئ  بأيدي المسؤولين غير الكفوئين. 

إن ظاهرة البطالة أصبحت علامة فارقة في المجتمع العراقي، حتى يندر أن تجد اليوم عائلة عراقية واحدة لا تعاني من بطالة بناتها وأبنائها وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وتحول أجيال من هذه الفئة الى عبء إضافي على أسرهم، كما أدى تفشي هذه الظاهرة الى تفاقم حالات تأزم العلاقات الأسرية داخل العائلة الواحدة، مع اضطرار اعداد هائلة منهم الى الإنخراط في صفوف الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة أو الانغماس في الإدمان على المخدرات، او لجوء الآلاف منهم الى الهجرة، فوفق مكتب الإحصاء الإتحادي في المانيا فأن عدد طالبي اللجوء من العراقيين في نهاية العام 2016 في المانيا فقط بلغ 156 ألف مهاجر.

إن الحاجة الى العناية بهذه الثروة البشرية باتت ملحة وخصوصا خريجي المعاهد والكليات وتوفير مستلزمات زجهم في التحديات الماثلة واهمها اعادة بناء الوطن المخرب، عبر وضع خطط تفصيلية تستهدف مكافحة البطالة بين اوساطهم والبدء بتخصيص مساعدات نقدية توفر الحد الأدنى لمعيشتهم إلى حين تأمين فرص عمل لهم.

لقد أولى برنامج ائتلاف سائرون نحو الإصلاح أهمية خاصة لهذه المعضلة، ووضع أسس معالجتها في مقدمة اهدافه السياسة والاقتصادية، عبر ضمان حق العمل لكل المواطنين، دون محاباة أو وساطة على أساس الانتماء الحزبي أو الطائفي، ووفقاً لقانون الخدمة المدني، وعبر تشكيل مجلس الخدمة الذي أعاق تشكيله المتحاصصون بسبب عدم الاتفاق على توزيع المسؤوليات فيما بينهم. إن التصويت لتحالف سائرون ينقذ طموح الشباب من الذبول في بورصة الحيتان، ومن الإرتهان لإبتزاز هؤلاء الفاسدين ومصالحهم الأنانية.

عرض مقالات: