في كلمته الأسبوعية التي يستهل بها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي اجتماعات المجلس كل ثلاثاء، اتحفنا الأسبوع الماضي بعبارة يحار المرء في توصيفها، ولكن لنتساهل ونقل انها غريبة حد الغثيان، ومؤلمة أكثر من حد السيف، تلفظها بهدوء وبرود أعصاب من لا يعي ما يحيط به، ولا تثير الا النقمة ضده، أضعاف ما حصل حتى الآن.
لقد قال لا فض فوه، ولا انعدم حاسدوه بالحرف الواحد: (نحن نتعامل مع المتظاهرين بأبوية!) فهل سمع أحد او قرأ في كتاب او جريدة، نكتة سوداء مثل هذه في أي بلد من بلدان العالم، قديماً وراهناً؟
اية أبوية يتحدث عنها رئيس الوزراء المستقيل بإرادة الشعب لا برغبة وقرار منه؟ وهل بلغ الاستخفاف والاستهانة بوعي الشعب العراقي الى هذه الدرجة من الاسفاف وعدم احترام الذات قبل الغير.
ربما يفهم الابوية على انها إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع المحرمة دولياً على المتظاهرين السلميين الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم المسلوبة على مدى سبعة عشر عاماً، ما أدى الى استشهاد ما يقارب السبعمائة من خيرة الشباب العراقي وجرح وتعويق 25 الفا واعتقال وحجز الآلاف في حصيلة غير نهائية؟
ام ان عمليات الاغتيال والخطف لنشطاء الحركة الاحتجاجية وحرق خيام المعتصمين الجارية على قدم وساق، هي الابوية؟ ام انها التسويف والمماطلة وزرع المندسين في صفوفهم لتشويه سمعة المنتفضين الابطال والإساءة إليهم، بأساليب أقل ما يقال فيها، انها لا أخلاقية وعديمة الصلة بالممارسات والسلوك البشري؟
صحيح ان (غوبلز) وزير الاعلام النازي في زمن هتلر قال: "اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس" لكن الكذب الذي كان يعنيه قابل للتصديق بحدود معينة، ونتيجة لتكراره وعشرات ومئات المرات كان يعتقد ان الناس سوف تصدقه خاصة الذين فرّ الوعي من عقولهم وغشيت السذاجة وقلة المعرفة بصائرهم.
اما فرية التعامل بأبوية مع المتظاهرين السلميين، فلا يمكن ان يصدقها حتى قائلها، لأنها بعيدة عن الحقيقة بسنوات ضوئية، وفيها من القرف ما يخجل منه الانسان السوي، وهذا ما أكده شاهد من أهلها، حيث صرح أحد نواب تحالف الفتح ووزير سابق (ان ستة عشر سفيراً لدول اوربية، منها ثلاثة أعضاء في مجلس الامن، والباقي أعضاء في الاتحاد الأوربي، يخرجون ببيان صحفي يرزلون (يوبخون) الحكومة العراقية ويحدثونك عن السيادة. والله هذه الحكومة لا تستحي من نفسها).
كفّوا عن هذه الحذلقات والترهات التي لا نصيب لها من المنطق والأخلاق فهي لا تزيد المشاعر الا استفزازاً والغضب الشعبي اشتعالاً، اذا لم يتداركها العقلاء وأصحاب الضمائر الحية على قلتهم، عبر الاستجابة السريعة لما يريده ويناضل من اجله المنتفضون باختيار رئيس وزراء غير جدلي (لا كما جرى مؤخرا بتكليف السيد محمد علاوي) وطني، كفوء، يحب شعبه، وصادق في تعامله معه وتنفيذ مطالبه، مزودا بصلاحيات استثنائية من مجلس النواب (تكفيراً عن سيئاته) ليكون باستطاعته منع انهيار الدولة كلياً والتهيئة لانتخابات مبكرة ونزيهة، ومحاسبة المجرمين والقتلة ممن يسمون بـ (الطرف الثالث) والقيام بإجراءات اقتصادية اجتماعية تخفف من معاناة الناس وتساعد في الحفاظ على السلم المجتمعي، والتمهيد لبناء دولة لكل العراقيين بعيدا عن الإمعات ومدمني الولاء للأجنبي، والمتشبثين بالكراسي، تشبث المتسولين بأذيال المارة!

عرض مقالات: