يبدو ان الاعلان عن قيام وزارة التخطيط بالتهيئة لمشروع تشغيل الشباب عن طريق منح قروض وسلف لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتفعيل القطاع الخاص من خلال تشكيل هيئة وطنية عليا للمشروع الوطني انبثقت حديثا وضمت ممثلين عن وزارات التخطيط والعمل الشؤون الاجتماعية والبنك المركزي والقطاع الخاص واستثمار مبادرة البنك المركزي بهدف اقراض تريليون دينار لتشغيل الشباب، انما هو تكرار لمشاريع حكومية اعلن عنها سابقا في محاولة لامتصاص نقمة الشباب وسحبهم من سوح الانتفاض.
فقد سبق للبنك المركزي عن اعلن مشروع اقراض ستة تريليونات مخصصة للبنوك الحكومية ؛ الصناعي والزراعي والاسكان بواقع 33 في المائة لكل منهم لقيام مشاريع صغيرة ومتوسطة وتنشيط حركة الاستثمار في هذه القطاعات وخاصة القطاع الخاص الذي تشير الاحصاءات الى وجود اكثر من 35 الف مشروع صغير ومتوسط فيه متوقف عن العمل لا سباب عديدة ، ولتحريك سوق العمل واستيعاب الايدي العاملة العاطلة التي تزيد بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي عن 40 في المائة ويقترب هذا الرقم من تقديرات البنك الدولي الا ان هذا المشروع لم يجد طريقه الى التنفيذ بسبب محاولة الفاسدين المهيمنين على العديد من البنوك الاهلية الذين استخدموا نفوذهم لقيام مصارفهم لاحتكار هذه القروض والاستحواذ على هذه المبالغ الكبيرة وافراغ المشروع من اهدافه المرسومة فعطلوه في نهاية المطاف .
ويجمع الباحثون في الشأن الاقتصادي على ان اسباب البطالة سواء كانت الثابتة او الموسمية تتمثل في ركود النمو وتفشي الفساد وغياب العدالة في توزيع الدخل والثروات بين المواطنين وتعاظم الدين العام وتأثيراته على النفقات الاستثمارية وتقادم مشاريع البنية الاساسية وخاصة المشاريع الحكومية التي اهملتها الحكومة عن قصد وسبق إصرار. وكل ذلك يعود الى ضعف في ادارة الدولة للاقتصاد والتخبط في السياسات الاقتصادية وغياب معايير واضحة في اولويات التصرف بالموارد الاقتصادية ضمن اطار المشروع الاقتصادي الوطني وبالتالي الارتباك في تنفيذ البرامج الاقتصادية عبر الخطط الخمسية التي لم تعد سوى ارقاما صماء.
فالبطالة وتداعياتها في تعاظم نسبة الفقر وتأكل الموارد البشرية وتبديد الثروات الوطنية من الموارد الطبيعية والتي تشكل الموضوع الاراس في سوق العمل، ظاهرة ظ لا تطول الشرائح الاجتماعية عديمة التعليم او ذات التعليم المحدود التي زاد عديدها في السنوات الماضية بسبب قلة المدارس ورداءة التعليم وحدة العوز المادي وانخفاض المستوى المعيشي مما زاد من تسرب التلاميذ ولكنها أيضا شملت خريجي الجامعات والدراسات العليا وخاصة مع وجود التعليم الاهلي الموازي الذي زاد من حدة الازمة الاجتماعية واتساع نطاق الاعتراض ضد السياسات الحكومية وقواها الفاسدة ويعود السبب الرئيسي في هذه الظواهر البائسة الى سوء الادارة الاقتصادية وفشلها في خلق فرص عمل للعاطلين وخصوصا الفئات الشبابية خارج سوق العمل التي شكلت قاعدة اساسية في الانتفاضة الشعبية التي زعزعت اركان السلطة الحاكمة .
ان تخطي الشلل في الاقتصاد العراقي ومعالجة عوامله المباشرة وغير المباشرة وما ترتب علية من اختلال عميق في سوق العمل يلقي على اية حكومة قادمة منتخبة من الشعب وتحضي بدعمه المسئولية في تحديد المشاكل الاقتصادية والمعيشية من خلال تحديد الاولويات الاكثر اهمية. ونرى ن الاتي:
1. التركيز على مشاريع كثيفة الانتاجية والعمل في المناطق الفقيرة بحيث تعتمد مواردها البشرية في القطاعين العام والخاص ويمكن تفعيل مشاريع المدن الصناعية في هذه المناطق كتوجه مستقبلي واعد.
2. تأهيل المشاريع الحكومية المعطلة او التي تعمل باقل من طاقتها التصميمية ووضع التخصيصات المالية خارج الموازنة السنوية وقيام الحكومة بوضع استراتيجية جديدة متوائمة مع هذه الالية.
3. تنشيط النشاط الاستثماري بعد تخليص الحكومة من ضغط الفاسدين ومشاريعهم الوهمية وتقليص الحلقات المعطلة للاستثمار بجانبيه الوطني والاجنبي وتحسين عمليات الائتمان في الجهاز المصرفي.
4. توظيف الموارد النفطية في تنويع قطاعات الانتاج وابعادها عن مواطن الاستهلاك التي تتسع من خلال السياسات الاستيرادية التي اخلت بالميزان التجاري واضعفت الانتاج المحلي قوانين الحماية.

عرض مقالات: