عُدّت مشاركة المرأة الى جانب اخيها الرجل في الحراك الجماهيري الاخير، خطوة نوعية وقوية في الوقت ذاته، حيث اضافت مشاركتها الفعالة زخما معنويا كبيرا لباقي المتظاهرين، وكان صوتها كالبركان الثائر، فكانت صرخة بوجه الظلم والاضطهاد والاستبداد بحقها منذ سنوات طويلة، الامر الذي ساهم في تشجيع باقي افراد الاسرة العراقية لأخذ دورهم والاسهام في الحراك الجماهيري المقدس.

وجود المرأة في التظاهرات الشعبية الحالية لم يكن رمزيا، بل سجلت حضورا فاعلا ورئيسا، فهي تهتف وترفع اللافتات وتقود النساء المنتفضات في سوح الاعتصام، وتنظم الفعاليات وتعقد الندوات والجلسات الحوارية فضلا عن اقامة معارض الرسم وتزيين الجدران باللوحات الفنية المعبرة عن سلمية الانتفاضة ومطالبها المشروعة، كما ويشار الى نشاطها في اعداد الطعام وغسل ملابس المتظاهرين والتنظيف والطبابة وغيرها، لم نشهد للمرأة تغيبا في التحشيد والمشاركة بالفعاليات، فضلا عن دورها في مواقع التواصل الاجتماعي الملفت والبارز الى حد تحول بعض الصفحات المتخصصة بالشؤون المنزلية وعرض الأزياء والتجميل الى صفحات تتداول اخبار واحداث نشاطات المتظاهرين ودعمهم.

كان الحراك الجماهيري كفيل بصقل الجانب المندثر من المرأة وهو الوعي الراقي والثقافة المكتسبة من خبرات العمل والتجارب والدراسة، ومجاراة ذلك الشعور بإحساس الرجال من المتظاهرين والمعتصمين المسؤول اتجاه المرأة، فلم تشهد سوح التظاهر حالات تحرش او مضايقات لفظية بحقها، حتى بدت ساحات التظاهر وطنا مصغرا لفئات المجتمع العراقي كافة دون تمييز بينها او محاصصة او طائفية فالكل سواسية هناك.

 تجلت شجاعة المرأة المنتفضة اليوم بأروع صورها عبر الثبات على الاهداف لتحقيق المطالب الحقة، مطالب الشعب الواحد، إما الانتصار أو الانتصار، وكل المحاولات لإخماد صوتها وثنيها عن نيل حقوقها ما عادت تجدي، أما شبح الخطف والاعتقال والقتل الذي طارد ويطارد الكثيرات منهن فلم يثنهن عن المواصلة والاستمرار بزخم الثورة، فاليوم يمتلكن قناديل تضيء سماءهن كل مساء وهن شهيدات ثورة تشرين الخالدات في ذاكرة الوطن، وعلى خطاهن نكمل الطريق.

عرض مقالات: