التنظيم السياسي، مثله مثل أي مؤسسة اجتماعية، يمكن أن تستوعب حاجات الناس أو أن تتخلف عن فهم متطلّباتهم. وفي حياة كل واحد منّا مثال أو أكثر عن حالة تعامل مع مؤسسة ما(مستشفى، مدرسة، جامعة، شركة، نادي) وجد نفسه فيها إزاء خطاب متأخر من تلك المؤسسة. واختار ببساطة أن يتعامل مع غيرها بحثاً عن تكامل أفضل في ما قد يحصل عليه من خدمة، أو توافق، أو تحقيق للمطالب.
لكن الأفراد قد يعانون عدوى التخلف من جانبهم. فيتمسّكون بخطّ سياسي يعمل واقعاً بالضد من مصالحهم. وقد يستغل الحزب السياسي حالة العمى العمومية هذه فيمعن في بيع أهدافه من أجل زيادة شحنة استيهام الناس. ولماذا يدفعهم الى الإستيهام؟، لأنه لا يمتلك برنامجاً قابلاً للتنفيذ، وكل ما يمتلكه هو(وهم)بوجود برنامج، من بين أهم فقراته أنه سيغير قناعات الناس وأفكارهم عن احتياجاتهم. لكنه تغيير أعور بمعنى الكلمة، أي انه يرى الصورة ببعد واحد. ولهذا يصادفنا حزب طائفي مثلاً، سيبذل أقصى غايات جهده من أجل إيهام الناس وإشعارهم بأن الطائفة هي الرمز وهي الغاية وهي بيضة الوجود الذي يتحتّم أن نخشى عليه من الضياع. وحصاد هذا الوهم، هو ناخب لا يهتم بأي منهاج سوى منهاج(حفظ الطائفة). وبالتأكيد ستكون تلبية متطلبات هكذا ناخب هي أقل في كلفتها من أي متطلبات أخرى.
مثل أي تاجر كذّاب، يحاول أن يوهم الناس بأن سلعته الرديئة، هي أفضل ما موجود في السوق، وأن الزبون مهما بحث وبذل جهده فليس في السوق كله سوى هذه النوعية من السلع. وهكذا يوقع الزبون في حبائل مكره.
هذا النوع من التجار-السياسيين لن ينقرض، وسنصادفه كثيراً. ولهذا، فالرهان ينصب على أن يتمكن الأفراد والجماعات من وضع سؤال المنهاج فوق الأولويات وفي مقدمتها.
إسألوهم؛ ماهي وسائلكم لعلاج مشاكلنا المزمنة؟، كيف تتوقعون أن تنجح مشاريعكم؟، وكيف لكم أن تفعلوا غير ما أتاحت لكم الفرصة سابقاً وقد رأينا(منجزكم!).؟.
سؤال المنهاج هو بداية الحل. ولا حل إلّا أن يكون لدينا ناخب واع. هذه لا بديل عنها أبداً.

عرض مقالات: