كرة القدم واحدة من اكثر اللعبات الشعبية رواجا وتمنح الجمهور (المنقسم على نفسه) فرحا لا مثيل له خلال تسعين دقيقة او اكثر بقليل. وكلا القسمين من الجمهور يتمنى ان يشاهد المزيد من الاهداف التي تزيد من متعته وفرحه.

ولكن هل يمكن ان يتفق الفريقان على جمهورهما؟! بكل تاكيد ممكن ان يتفقا ولا يسجلا اهدافا طيلة الشوطين فيخرج القسمان من المتفرجين متسامحين، متصالحين فيما بينهما وحانقين على الفريقين، اللذين ارادا في النهاية " تقاسم" نقاط المباراة بالتساوي! هل يمكن ان يحدث هذا الامر في السياسة، وتحديدا في بلدنا بطبقته السياسية التي حكمته طيلة ستة عشر عاما! حيث عادت "الكرة" لتتدحرج مجددا بين اقدام نفس الطبقة السياسة، دون ان تعير اهتماما لحماس الجمهور المنتفض، الذي لم ينقسم على نفسه كما يحدث غالبا في الملاعب، بل توحد بالكلمة وبالمشاعر والمطالب، ولم يفرق بينه دين او طائفة او عشيرة، رافعا راية واحدة، راية الوطن، ومتخذا من هذه الراية مرجعا اوحدا له! اما الساسة الخبراء بالضحك على ذقون العامة! فراحوا يقيمون الليل والنهار بالبحث عن " اسم" يخرجهم من هذا المأزق! ولان الجمهور لم يعد ذاك الذي يخاف من قول الحقيقة ولأنه " مفتّح بالتيزاب وليس باللبن" فلم تعد تنطلي على هذا الجمهور مهزلة " المستقيل "، لكون هذا المستقيل، وحين تبحث في ملفه، ستجده سبق وان شغل منصبا رفيعا في الدولة او في الحكومة او في هذا الحزب او ذاك، الذي كان جزءا من منظومة المحاصصة والفساد اللتين كانتا سببا في خراب العراق!  وكل الذي يجري اليوم تحت قبة البرلمان من جهة ورئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء المقال هو البحث عن شخصية " توافقية " ترضي جميع الاطراف السياسية المتنفذة! مع محاولة لتبييض وجه هذا المرشح او ذاك على اساس "انهم" قد اخذوا وجهة نظر المنتفضين في الحسبان! وهم يعرفون جيدا ان الخلل في " التوافق " الذي يقصدونه، والذي لا يمنعهم من خرق الدستور! ويعرفون جيدا ان العلة في اسس العملية السياسية التي افرغوها من محتواها الديمقراطي! وهم يعرفون ان الخلل يكمن في مجموعة قوانين (يحاولون لي عنقها مجددا) كالدستور وقانون الانتخابات وقانون الاحزاب واختيار " المفوضية" الخاصة بالانتخابات! فلا يوهمونكم باجراءاتهم الترقيعية. امضوا بالمطالبة بالتغيير الجذري المنشود، فالعراق مليء بالكفاءات النزيهة والوطنية..

لا يوهمونكم.. ولا تثقوا بهم!

عرض مقالات: