كانت ساحة التحرير ظهيرة الجمعة الماضية هادئة إلى حد ما وخاصة في محيط الجسور الثلاثة، الجمهورية، والسنك. كانت سيارات التك تك، تتحرك بيسر وسهولة ثم سرعان ما دبت الحركة بين الناس وبدأت الآلاف تصل للساحة تباعا. وفي موكب لافت لللنظر دخل موكب تشكل من عشرات السيارات الكبيرة للنقل، من أهالي النهروان، وهم يهتفون للانتفاضة ويتوعدون بتصعيد نضالاتها من اجل إسقاط الحكومة المتهمة بقتل المئات من المتظاهرين. تبع ذلك دخول قافلة من سيارات التك تك وهي تحمل نعوشا رمزية لشهداء الانتفاضة، وما ان أعلن خبر نية رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تقديم استقالته إلى البرلمان حتى اشتعلت الساحة بإطلاق الألعاب النارية والهتافات.. سرعان ما تم تنظيم مسيرة راجلة انطلقت من خيمة ثوار التحرير، وهي تهتف وتبارك سقوط حكومة القتلة الفاسدين. عبرت المسيرة ساحة التحرير باتجاه جسر الجمهورية وانظم عدد كبير من المتظاهرين لها لتقف على ساتر الجسر، ثم عادت لتتوجه إلى شارع السعدون وانتهت عند منصة منبرالتحرير.
وكانت فجيعة التحرير لهذا اليوم، الجمعة، سقوط الشهيد " حيدر احمد كاظم " مضرجاً بدمائه، وهو في عمر السادسة عشر واحد طلبة الصف الخامس العلمي بإحدى ثانويات بغداد التي كانت من أوائل من شاركوا بالاضراب الطلابي دعما للمعتصمين والمنتفضين. قام زملاؤه ورفاقه بتشييعه من ساحة التحرير وباتجاه.
وأقيمت مساء ندوة حوارية أمام خيمة ثوار التحرير، اجاب فيها القانوني والناشط في مجال حقوق الإنسان محمد السلامي عن سؤال:
"ماذا بعد استقالة الحكومة؟!"
وقدم السلامي الرؤية الدستورية التي تفيد ان صلاحية البرلمان لاختيار رئيس وزراء جديد تتم خلال 15 يوم . مؤكداً على اهمية تواصل النضال الجماهيري من اجل ان يكون الاختيار وفق معايير المرحلة الاستثنائية التي تتمثل في تنفيذ مطالب المنتفضين بتشكيل حكومة نزيهة لها برنامج لتغيير الوضع الحالي بعيدا عن المحاصصة والفساد وان تحضر لانتخابات جديدة نزيهة بحيث ترضي نتائجها الناخب الحقيقي.
وجرت بعد ذلك سجالات ومناقشات كانت خلاصتها تؤكد على ان معظم المؤسسات يشوبها الفساد بما في ذلك البرلمان الذي لا يمكن بتشكيلته الحالية ان يختار حكومة نزيهة!
قبيل بدء مباراة كرة القدم بدأت الساحة تغص بالحاضرين، والتهبت الساحة فرحا بفوز العراق على الامارات. وبقيت العوائل تتوافد على الساحة حتى ساعة متأخرة من ذلك المساء.

عرض مقالات: