كتل سياسية بعينها مازالت تصر على تجهيل الناس، والتقليل من الاحترام لكل ما يمت بصلة الى العمل السياسي المستقيم. مازالت هذه الكتل تستخدم نفس لغة الرشوة للناخب.
سلّة غذائية، وعود بالتعيينات الحكومية، وعود بالإعادة الى الخدمة الحكومية، إقامة ملتقيات تنتهي بمآدب طعام، توزيع وجبات جاهزة تُرمى على الناس من سيارات البيك آب.
هذا ربما ليس تجهيلاً مجرّداً بقدر ما هو تعبير(صادق)عن رؤية هذه الكتل السياسية ومفهومها للمقعد النيابي. إنها عملياً لا ترى فيه نافذة للخدمة، بقدر ما تبصر فيه بقرة سمينة تناسب الحلب لأربع سنوات قادمة.
لغة المنفعة ورشوة الناخب وتقديم الوعود، باتت وسيلة شائعة للتواصل بين هذه الكتل السياسية وجمهورها. بل إن الجيل الذي سينتخب لأوّل مرة في أيار المقبل لم يسمع على الإطلاق بشيء يشبه" البرنامج الانتخابي"، لا من قريب ولا من بعيد.
بالتأكيد ستبدو الكتلة التي تتحدث عن التقدم، والبرنامج الانتخابي قابل للتنفيذ، وعن الإصلاحات المنهجية؛ أقول بالتأكيد ستبدو مثل الخروف الاسود وسط القطيع، لكن علينا الّا ننسى أن المنهج وصحّة مآلاته لا علاقة لهما بعدد أتباعه، و هذا لوحده يجب أن يكون مادة تثقيفية انتخابية يعتد بها.
لكن لغة الجهل هي السائدة، والتخوين والاتهام والشتائم، هذه كلها متوفرة وبغزارة تزداد كلّما اقتربنا من يوم أيار الموعود. وقُبيل لحظة الإدلاء بالأصوات سنشاهد هستيريا عامة تترامى بكل الاتجاهات وتتهم الجميع بسرقة الجميع. ولو صحّت توقعات بعض المراقبين بأن الإقبال على التصويت سيكون ضعيفاً ، فمعنى هذا أن اللعبة السياسية الحصرية ستمتد الى أمد غير معلوم.
كل التعويل وكل الآمال تنعقد في الواقع على قدرة الناس على محاسبة السياسيين. معاقبتهم اولاً لضمان عدم تكرار انتخاب أصحاب المنجز البخاري(الذي تبخر مع الهواء)، ثم وضع السياسيين اللاحقين تحت طائلة المحاسبة الشعبية، في الإعلام وساحات الرأي العام.
هذه هي الضمانة الوحيدة لعدم استجلاب الفاسد مرّة(ثالثة!). لا ضمانة غيرها أبداً.

عرض مقالات: