يجمع المهندسون ومخططو المدن الحضرية الاقدمون والمحدثون، ان الهدف الرئيس لعملية تخطيط اية مدينة يتجسد في بذل اقصى الجهود من اجل توفير بيئة مريحة وهانئة لسكانها الدائميين والمؤقتين من خلال استخدام الاساليب العلمية لاجل تنظيم التنمية المكانية بالشكل الامثل والكفوء للموارد الاقتصادية والبشرية ولا يمكن ان يكتمل ذلك الا من خلال الابقاء وتوسيع المساحات الخضراء داخلها وعلى هذا الاساس يظهر الجانب الاقتصادي ليكون حاضرا في عملية تخطيط وتحسين البيئة المحيطة بالإنسان لتكون أكثر نقاء وجمالية.
ومن يزور المدن العالمية الاكثر تحضرا وتصميما يجد فيها كل هذه المواصفات وعلى سبيل المثل فقد قدر لي ان ازور العاصمة السوفيتية موسكو في سبعينات القرن الماضي فوجدت نفسي وسط غابة غناء وعند الاستفسار قيل لي انك في وسط مدينة موسكو عندئذ ادركت سبب توصيفها بالمدينة الانقى في العالم ومثل موسكو الكثير من مدن وعواصم العالم التي يدرك حكامها اهمية وجود مناطق خضراء داخل المدن وبغداد ليست استثناء فان الاهتمام بالمساحات الخضراء من بساتين واراض زراعية داخل مدينة بغداد والبصرة والموصل كان على احسنه منذ العهد الملكي .
ولم يكن اصدار قانون التصميم الاساسي لمدينة بغداد رقم 156 لسنة 1971 المشرع في 18/4/1972 والذي اعدت افكاره الاساسية من قبل شركة بول سيرفس البولندية من اجل تحويل مدينة بغداد الى مدينة شامخة تأخذ مكانتها بين المدن العالمية الاجمل والاكثر نقاء .
اذكر هذا وانا اتابع باستغراب تصريح المتحدث باسم وزارة الزراعة في تعليقه حول اصدار قانون الاستملاك العيني للأراضي الزراعية الذي اختلفت بشأنه التفسيرات ويقصد ( مشروع قانون استملاك البساتين التي تقع ضمن المناطق السكنية غير الصالحة للزراعة الى ان هناك اراضي زراعية شيدت عليها مدن وبالتالي اصبحت غير صالحة للزراعة وبحسب القانون فقد اصبح بالإمكان تمليكها الى صاحب الارض الزراعية لتحويل جنسها الى ارض سكنية او تجارية )، وبهذا التصريح كشف لنا اسباب سكوت وزارة الزراعة طيلة السنين الماضية عن التدابير التي اتخذتها مجموعات نافذة لتحويل بساتين عامرة في بغداد ومحافظات اخرى الى مناطق سكنية خلافا للقوانين التي تمنع تحويل الاراضي الزراعية الى مناطق سكنية كما حصل في منطقة الدورة وادت الى خلق ازمة في الخدمات البلدية وخدمات الماء والكهرباء وازمة مرور خانقة، اضافة الى جملة الازمات التي تعاني منها مدينة بغداد .
مما تقدم تظهر اهمية الجانب الاقتصادي في عملية تخطيط المدن لتحسين البيئة المحيطة بالإنسان ويدخل هذا الجانب ضمن إطار اقتصاديات التخطيط الحضري بحيث يتطلب الالمام والمعرفة بالجوانب الاقتصادية للمدينة من جهة والمناطق المحيطة بها من جهة اخرى واي قرار خاطئ يتخذ في مجال التخطيط الحضري سوف يترك تداعيات على الجوانب الاقتصادية والخدمية والبيئية للمدينة. لهذه الاسباب مجتمعة فان امانة بغداد واجهزتها مدعوة الى الاحترام الكامل لقانون التصميم الاساسي لمدينة بغداد، مقترحين ما يلي:
1.
الابقاء على المناطق الخضراء في المدن التي تحمل جنس ارض زراعية وتحويلها الى اماكن للترفيه والانتاج ومصادر لتحسين البيئة والاحتفاظ بقيمها الاقتصادية والاستفادة منها للأغراض الصناعية.
2.
رفع مستوى الاداء للإدارة الحضرية واستخدام نظم الادارة الحديثة في تأدية مختلف المهام الادارية والفنية والتعامل مع الارض وفق قاعدة ان الارض مورد قابل للنفاذ من خلال تغيير جنسها واستثمارها مما يتطلب المحافظة عليها وان يتم تخصيصها وفق الحاجة الفعلية ومتابعة التصرفات العقارية لتحقيق الاستثمار الصحيح لها.
3.
التطبيق الحازم للفقرة 3 من المادة 19 من قانون التصميم الاساسي لمدينة بغداد المتضمن تقسيم الاراضي المخصصة بموجب التصميم لأغراض الزراعة والبستنة الى اجزاء لا تقل عن خمسة دونمات لأغراض البساتين وعشرين دونما للأغراض الزراعية. اضافة الى اعادة الاهتمام بتخطيط النقل المستدام والاستفادة من تصاميم المدن العالمية القريبة من واقعنا لمعالجة المشاكل القائمة او التي ستحدث مستقبلا.

عرض مقالات: