يميل العديد من المسؤولين العراقيين الى لعب دور النعامة، التي تدفن رأسها في الرمال تهربا من خطر معين، فيتهربون مثلها من واقع يجدون انفسهم عاجزين عن مجابهته، او لأن التصدي له يتعارض مع امتلاء الجيوب بالمال الحرام.
والامثلة كثيرة الى الحد الذي لا يمكن احصاؤها، او الالمام بها، وهي لا تقتصر على ميدان السياسة فحسب، بل تشمل كل ميادين حياتنا دون استثناء.
احدث مثال لهذا العجز، هو مئات الحرائق التي طالت حقول الحنطة والشعير في سبع او ثمان محافظات، لم تستطع الاجهزة المختصة تحديد الاسباب الحقيقية لها، ولا الاجابة على السؤال التالي، لماذا في هذا الوقت بالذات، حيث ان محصولهما جيد، وربما يحقق نسبة كبيرة من الاكتفاء الذاتي، حسب تقديرات المختصين والعارفين ببواطن الامور.
السلطات الرسمية ارجعت الاسباب الى ارتفاع درجات الحرارة، وحركة الرياح، كما لو ان العراق لم يعرف سابقا ارتفاعا في درجات الحرارة، التي اعتبرها الكثيرون نافذة من جهنم فتحت خصيصا للعراقيين، وبفضلها تصدرت مدن عراقية مؤشر المناطق الاكثر حرارة في ارجاء العالم وصحاريه.
وهذه ليست المرة الاولى في ضخ تبريرات تنقصها الصراحة، وتثير الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما وان التحقيق فيها كان سطحيا، ويكتفي بارجاعها الى القضاء والقدر، دون التحري الدقيق في ملابساتها، والتأكد من مسببيها، سواء كانت الطبيعة هي المسؤولة، او بفعل فاعل.
وقبل الحرائق الاخيرة، مرت بالعراقيين سلسلة من الاحداث المشابهة، كانت الحلقة الاولى فيها نفوق المواشي بأعداد كبيرة، دون سبب واضح، ثم جاء الدور على الدواجن وبعدها الاسماك التي نفقت الملايين منها، كذلك حرق المئات من مزارع الطماطة، واخيرا هذه الحرائق المفاجئة، التي طالت اخيرا حتى المزارع والدور السكنية في ناحية يثرب بصلاح الدين وغيرها من القرى واطراف المدن، والمفارقة غير المفهومة هنا، ولا يمكن القبول بها، هي لماذا لا تحدث مثل هذه الكوارث الا حين يسد الانتاج العراقي نسبة كبيرة من حاجة السوق المحلية وبالتالي يؤدي الى خفض استيراد هذه المواد الضرورية؟!
اخر الاكتشافات المثيرة والغريبة في ان، حسبما نقلته الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى، ان المتضررين وجدوا في حقولهم المحروقة، عدسات مكبرة تجمع اشعة الشمس وتشعل الحرائق بسهولة، ليسجل القائمون بها، براءة اختراع مبتكرة، ونجاح لافت لذوي العقول الشريرة.
ان على الحكومة العراقية ان تتحمل مسؤوليتها كاملة في حماية المنتجات العراقية، زراعية كانت ام صناعية ام خدمية، وتشجيع اصحابها على الوصول الى ما ادرجه السيد رئيس الوزراء في برنامجه الحكومي، بتحويل الاقتصاد العراقي الريعي، الى اقتصاد منتج لا يعتمد على الواردات النفطية فقط، وتمهيد الطريق امام التنمية المستدامة، التي تضع العراق في مصاف الدول المتقدمة، إن احسن تنفيذها.
وعليها ايضا معرفة الاسباب الحقيقية لهذه الكوارث ومن يقف وراءها، خاصة وان قمسا كبيرا من الرأي العام العراقي يعتقد جازما بان اجندات خارجية وتابعين لها، كذلك متنافسين داخليين لا يرون ابعد من جيوبهم، هم المسؤولون عنها، فضلا عن التغيرات المناخية، والحالات المرضية، والمبالغة من البعض، أملا في زيادة التعويضات. كما يجدر بها تعويض المتضررين فعلا، ومد يد العون والمساعدة لهم

عرض مقالات: