يصر واضعو السياسة الاقتصادية بعد الاحتلال الامريكي في عام 2003 ابتداء من الحاكم الاداري الامريكي بريمر ان يكون اقتصاد السوق هو معبودها الاوحد دون ان يقدموا له أيا مما يطلب من فروض الطاعة او اي شكل من اشكال الطقوس سوى الكلام المنمق ورفع الايدي الى سماء المؤسسات المالية الدولية التي تعتبر العقل المدبر والمخطط لترسيخ نظرية اقتصاد السوق على النطاق الدولي.
وبالرغم من ان القطاع المختلط هو الاقرب الى القطاع الخاص من حيث الشراكة القائمة بينه وبين القطاع الحكومي والمساهمين من الافراد فان هذا القطاع من وجهة النظر الحكومية السائدة يدخل ضمن شركات القطاع الحكومي الذي يدخل في خانة الاقتصاد المركزي الذي يعتبرونه شر البلية، لكن العراقيين لهم وجهة نظر اخرى مغايرة تماما فما زالوا يتذكرون بإعجاب منتجات شركة الصناعات الخفيفة وشركة الصناعات الالكترونية وغيرهما من الشركات مختلفة الاحجام التي كانت تنتج السلع المعمرة كالثلاجات والمجمدات والطباخات والمدافئ والتلفزيونات والهواتف والراديوهات والحاسبات والسخانات بالإضافة الى السلع التي يحتاجها الجمهور والمصالح والمهن ومؤسسات الدولة وقطاع التشييد والبناء والقطاع الزراعي ومنتجات تحتاج اليها الدولة ومنظومات القطاع الخاص مثل البدالات الصغيرة والبدالات الرقمية الكبيرة ووحدات القدرة الكهربائية وانظمة الاتصالات ومنظومات الطاقة المتجددة وبرامجيات الحاسبات وانظمتها. باختصار شديد كانت هذه الشركات تلبي الجزء الاكبر من حاجات المجتمع. وبالتالي الا تستحق رعاية جدية من الحكومة؟
لكن اهميتها لم تقف عند هذا الكم والنوع من المنتجات التي تغطي مساحة كبيرة من حاجات المجتمع الاهلي والحكومي بل تشمل ايضا سوق العمل حيث يعمل فيها آلاف العمال والمهندسين والكثير من الخبرات والاختصاصات على اختلافها والذين يمارسون دورا متميزا في عملية الانتاج وادامته وانتاج خدمات ما بعد البيع وكلها تشكل بيئة تكنولوجيا متوطنة لها الاستعداد في استقبال وسائل الانتاج التكنولوجية المتطورة وادخالها في عملية التصنيع وخاصة في الصناعات التحويلية.
ان منظومات هذا القطاع لم تنج من المخاطر العديدة التي تعرضت لها نتيجة للانفلات الامني وعمليات النهب والسلب امام انظار قوات الاحتلال والاخطر من ذلك تقليص فرصها في السوق العراقية بسبب مزاحمة شديدة من السلع المستوردة الأردأ والاقل سعرا لهذا السبب تعرض هذا القطاع الى خسائر جسيمة بما لا يقل عن 30 مليار دينار ومع ذلك فان قيمة موجوداتها تعادل ثلاثة امثال القيمة الدفترية.
يتضح مما تقدم ان القطاع المختلط ما زال يلعب دورا كبيرا في الاقتصاد العراقي وانه يمتلك من الخبرات والطاقات العمالية القادرة، اذا ما اعطتها الحكومة الاهتمام الكافي، على اعادة تدوير خبراتها وتجاربها في عملية انتاج مخططة تسهم بشكل ملموس في الناتج المحلي الاجمالي وتمكينها من ان تكون رافعة مهمة جنبا الى جنب مع القطاعين العام والخاص وبهذا الخصوص نقترح الآتي:
اعادة النظر في التشريعات القانونية من خلال شمول منتسبي هذا القطاع بتطبيقات قواعد الخدمة المطبقة في مؤسسات وزارة الصناعة بغض النظر عن نسبة مساهمة الدولة في شركات هذا القطاع عبر تفعيل قانون التأمينات الاجتماعية. والتنسيق بين وزارة الصناعة ووزارة المالية لدراسة هذا الموضوع واقتراح التعليمات التي تيسر اصدار هذه التشريعات.
تقديم التسهيلات الائتمانية لشركات القطاع المختلط من خلال تقديم القروض بفوائد ميسرة لتمكينها من اعادة تفعيل عملية الانتاج وتلبية حاجة السوق العراقية من البضائع والمنتجات التي كانت توفرها شركاته في السابق.
شمولها بقوانين المدن الصناعية ودعمها بالمنافع التي توفرها هذه المدن فضلا عن حماية منتجاتها من مزاحمة البضائع الاجنبية وهذا سوف لن يتحقق ما لم تتوفر الارادة الحكومية لتطبيق التشريعات الحمائية والزام الوزارات الحكومية بتغطية حاجاتها من منتجات هذا القطاع ومساءلتها ان لم تفعل.
فك الاشتباك داخل مجالس ادارة هذه الشركات من خلال تحديد حصة الاطراف المساهمة في شركات هذا القطاع في مجلس الادارة على اساس نسبة مساهمة كل طرف في رأسمال الشركة.

عرض مقالات: