تعتبر المدن الصناعية من الصيغ الناجحة   في ادارة العملية الاقتصادية ومن اهم المشاريع والافكار التي تنفذها الدولة بهدف تطوير القطاع الصناعي في هذه المدن بشكل خاص لما لها من دور فاعل في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال تكثيف راس المال الموظف في هذه المدن بوصفها من أكثر القطاعات الاقتصادية استيعابا للأيدي العاملة في مختلف الاختصاصات والمهارات الفنية واكثرها تنوعا في الاختصاصات الانتاجية.

 ونظر للميزات الكبيرة التي تتصف بها المدن الصناعية تلجأ اليها الدول وخاصة المتطورة اقتصاديا بهدف تشجيع الاستثمارات في القطاع الصناعي فضلا عن القطاعات الاخرى المرتبطة به والمكملة له فالمدن الصناعية واستنادا الى الشروط والقواعد اللازمة لها تساعد على اقامة المصانع والمشروعات الاقتصادية الاستثمارية لما توفر للمستثمر من البنى التحتية والخدمات الضرورية التي تتطلبها الانشطة الإنتاجية، اضافة الى الايدي العاملة والتسهيلات المصرفية.

لقد سعت الحكومات العراقية بعد  2003 الى تدشين تجربتها في اقامة المدن الصناعية ولكنها  لم تبدا من الصفر فهذه المدن او الاحياء الصناعية موجودة قبل هذا التاريخ في بغداد والنجف والبصرة  وبعض المدن العراقية الاخرى ولكتها لم ترتق الى المستوى الذي وصلت اليه الدول الاخرى، وتكاد تفتقر الى معظم متطلبات المدن الصناعية من حيث التنظيم والمساحة والخدمات ولهذا جاءت  فكرة تخطي هذا التخلف فتم تشكيل لجنة عليا تتكون من وزارة الصناعة ووزارة التخطيط ووزارة الكهرباء وهيئة الاستثمار والمديرية العامة للتنمية الصناعية ووزارة البلديات ووزارة الاسكان والاعمار، وقامت هذه اللجنة بزيارة العديد من البلدان الرائدة في المدن الصناعية للوقوف على تجربتها ولكنها توصلت الى امكانية اقامة هذه المدن في اربع محافظات هي البصرة، في خور الزبير وذي قار والانبار ونينوى  فضلا عن بغداد في منطقة النهروان.

ولكننا من خلال تحليل النتائج التي توصلت اليها هذه اللجنة  لا يمكن القول ان العراق قد قطع شوطا كبيرا على طريق  انجاز مدينة صناعية يشار اليها بالبنان  وهذا التأخر في المشروع  ليس معزولاً عن مظاهر التأخر في عموم القطاعات الاقتصادية السلعية والخدمية  الاخرى اذا استثنينا  الخطوات الاولية التي اتخذتها اللجنة والوزارات ذات العلاقة والتي تشمل  وضع دراسات الجدوى الاقتصادية ووضع التصاميم والمسوحات الطوبوغرافية وتثبيت المنشآت والطرق وخطوط الكهرباء ومسوحات التربة والتصاميم الاساسية للمواقع وتحديد الطاقات ومصادر الخدمات الاساسية الخارجية والداخلية، بالإضافة الى وضع مشروع قانون المدن الصناعية الذي تمت القراءة الاولى له في مجلس النواب .

  ويبدو ان مشروع المدن الصناعية ما زال في ذاكرة  الحكومة العراقية حيث اكد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ان العراق بحاجة الى مدن صناعية متكاملة مشددا على ضرورة توفير التسهيلات للمستثمرين مقابل الزامهم بالتنفيذ وفق المدد الزمنية اضافة الى ان وزارة الصناعة شكلت فريقا لمتابعة تشريع قانون المدن الصناعية والامل يحدو العراقيين الاّ تطول المسافة بين الواقع والطموح وتستغرق عشر سنين أخر ولهذا يتعين ان تكثف الاطراف المشاركة في اللجنة جهودها من اجل مواجهة التحديات والمعوقات التي حالت دون انجاز هذا المشروع في حينه باللجوء الى كافة التشريعات الاقتصادية النافذة  لتامين مستلزماته ووضع التصاميم والخرائط المعدة لهذا الغرض واليات تنفيذها مقترحين الاتي :

  1. التنسيق التام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من اجل التعجيل باستكمال تشريع قانون المدن الصناعية مع وضع التعليمات الخاصة لتسهيل تنفيذ هذا القانون بأقرب فرصة.
  2. العمل الجاد بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة وخاصة الجهات الممثلة في اللجنة العليا، لاستكمال متطلبات هذه المدن وخاصة القاعدة التحتية والمستلزمات اللوجستية وخدمات الماء والكهرباء.
  3. ضمان توفير التسهيلات المصرفية المحفزة لقطاع الاستثمار المحلي الخاص للإسهام في اقامة مشاريعه الخاصة الصغيرة والمتوسطة او بالاشتراك مع الحكومة او المستثمرين الاجانب في مشاريع مشتركة.
  4. العمل الجاد متعدد الجوانب في توطين التكنولوجية وتوفير مقومات البيئة التكنولوجية بهدف تسريع الانتاج ورفع الانتاجية وتحسين جودة المنتج لمنافسة المنتج المستورد.
عرض مقالات: