يعتصرُ قلبي الالم والحسرة ، حين أشاهد مدن العالم ترتقي ازدهاراً بالعمران والنظافة والتطوّر يوماً بعد آخر، وأقارنها بمدننا التي تعتريها الكآبة الخراب وانتشار والزبالة في الشوارع والأسواق دون أدنى مراعاة من أحد، لا المسؤول يفكّر بالعمران والبناء وانتشال مدينته من سوسة الخراب التي تنخر جسدها ، ولا المواطن يحترق قلبه على ما يراه ويعيشه من تدهور في كل شيء!

قبل أيام زرت بعقوبة للمشاركة في مهرجان تامرّا الشعري، وبعدها زرت الناصرية وسوق الشيوخ للمشاركة في مهرجان مصطفى جمال الدين الشعري أيضا . الخراب هنا مثلما هناك ، فقلت في نفسي : يا لبؤسنا وتعاستنا، لم نستطع حتى أن نزيل القمامة من شوارعنا وأسواقنا ، بالإضافة الى المطبات والحفر وتثلم الأرصفة. كيف سنبني دولة ونحن على هذا الحال منذ أكثر من ستة عشر عاما ، والكل يصيح : الخراب ، الفساد ، توقف معاملنا وانعدام زراعتنا وسوء التعليم وانتشار الرشوة والمحسوبية ،، وتعلو أصواتنا دون أن ننتبه الى عدم سماعنا لبعضنا  . إذ أن الخراب منّا وفينا ، ونحن جزء لا يتجزأ منه ، وإلاّ ماذا نقول عن أصحاب المحلات والدكاكين وهم يرمون الفارغ من الكارتونات والأوراق والزبالة في الشاعر غير عابئين بالآخرين ، أو بمنظر الشارع حتى؟!

 وتتكدس الزبالة لتصبح تلالا من القمامة تطوحها الريح شرقا وغربا لتنتشر في عموم السوق وهكذا دواليك بين الأحياء السكنية  وغيرها . بمعنى أننا لم نكلف أنفسنا جمع هذه القمامة ورميها في مكان مخصص لطمر النفايات! أكثر من مرة أشاهد سائقا أو راكبا يرمي علب العصائر أو الببسي الفارغة  وأوراق الكلينكس وغيرها من السيارة وهي تمشي دون النظر الى الخلف واحتمال أن تصيب أحدا بأذى،، كما أشاهد آخرين يرمون أعقاب السجاير في الشوارع أيضا دون الشعور بأنهم يلوثون  هذا الرصيف وذاك !

الخراب الذي نراه في مدننا سببه نحن ايضاً بالتأكيد ، وكأنه مرض مزمن استفحل في عقولنا ونفوسنا فبتنا لا نفكر بعلاجه أبدا . المسؤول يقول ويصرّح هنا وهناك دون أن يتحرك قيد أنملة للحيلولة دون انتشاره ، وكأن الأمر لا يعنيه الا إعلاميا ، والمواطن يصرخ ويستغيث لكنه جزء أساسي فيه أيضا !

الكل ينادي بتصحيح ما تلف في هذي البلاد لكننا لم نتحرك  خطوة واحدة باتجاه التصحيح الحقيقي ، واعني بذلك الفساد المستشري في النفوس والضمائر ، وكأننا غير مسؤولين عن كل ما جرى ويجري في وطننا !

الوطن أمانة في أعناق الجميع سواء كانوا مسؤولين أو مواطنين ، وعلى المسؤول يقع الحمل الأكبر في النهوض والتطور والازدهار وإبعاد شبح الخراب المستفحل والمخيم على كل جزء من أجزاء الوطن !

علينا أن نقف لحظة ونفكر بجدية وانتماء حقيقي للناس، لنبدأ بتصحيح كل شيء كي ننثر ورود السعادة والخير على كل مكان !