نحن متفقون على ان الاجراءات التي تعتبر بطاقة الناخب وثيقة رسمية، هي اجراءات سليمة من شأنها ان تؤسس قاعدة لاحترام الممارسة الانتخابية الديمقراطية والمساهمة فيها. فهذا معتمد في اغلب بلدان العالم المتطور، التي تضع شرطا جزائيا على من يعزف عن المشاركة في الانتخابات. كما اننا متفقون على ان هناك ضعفا واضحا في مستوى الوعي الانتخابي لدى الكثير من المواطنين، وان ظروفا و تقاليد وأجواء ذاتية وموضوعية كثيرة، تعمل على تضييق فرص تطوير هذا الوعي. فتلك الظروف المعقدة، ربما تتسبب في تقليص حجم مشاركة المواطنين في الانتخابات المقبلة.
ان التحضير للانتخابات ليس عملية اجرائية فقط، بل لا بد أن ترافقه عمليات تهيئة واعداد اجواء مناسبة، لضمان مشاركة واسعة في الانتخابات، ورسم الوجهة الصحيحة التي تتيح تغيير كفة موازين القوى لصالح التغيير المنشود، وبالضد من مساعي بعض المتنفذين الذي يسعون إلى التضييق على هذه المساحة، وتعميق شعور الجماهير بلا جدواها.
ومعلوم ان الغالبية العظمى من المواطنين الذين يرفضون الادلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة، هم من المعترضين على الأداء الضعيف للقوى المتنفذة، والرافضين لوجودها من الأساس.
اثناء مراجعة الكثيرين من المواطنين مراكز تحديث سجل الناخبين، لاستلام بطاقاتهم الانتخابية، فوجئوا بمطالبة المركز إياهم بجلب بطاقاتهم الانتخابية التي انتخبوا بواسطتها خلال الدورة السابقة. والمشكلة ان نسبة كبيرة من هؤلاء فقدوا بطاقاتهم، أو أضاعوها بعد أن شعروا بلا جدوى المشاركة في الانتخابات مرة أخرى، وتسرب اليأس إلى نفوسهم.
مؤسف ان تعليمات مفوضية الانتخابات تكاد تلعب دور الطارد لهؤلاء المواطنين الذين فقدوا بطاقاتهم، وتعزز لديهم فكرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات. فبحسب العديد منهم، فرضت المراكز عليهم مراجعة المحكمة ودفع غرامة قدرها 25 ألف دينار، من أجل منحهم بطاقات جديدة. ولأن هناك نسبة لا يستهان بها من المواطنين غير الراغبين اصلاً بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات القادمة، فقد وجدوا ضالتهم في هذه التعليمات، على اعتبار ان ظروفهم المالية لا تتيح لهم دفع 25 ألف دينار، ولأن البلد يخطو خطواته التدريجية نحو تثقيف الناس بأهمية الممارسة الديمقراطية، كان الاجدر بالمفوضية اتخاذ خطوات اجرائية تعزز الرغبة بالمشاركة في الانتخابات، بدل هذه التعليمات الطاردة.