كانت ملفات وزارة النفط والوزارة ذاتها تكاد تكون الوحيدة بين وزارات الدولة قد حافظت عليها قوات الاحتلال في 9/4/2003 وكان لهذا الموقف دلالاته الاعتبارية لما يؤشر الى اهتمامات الولايات المتحدة وحلفائها ومصالحهم لكنه في الوقت نفسه حفاظ على المصالح الوطنية العراقية اذ كان المفروض بالحكومة الجديدة ان تولى الاهتمام المناسب لهذ الملفات في استراتيجياتها اللاحقة .
ولكن بدلا من ذلك لم تتخذ الحكومات العراقية الاولى على قصر اعمارها التخطيط المناسب لوضع عملية انشاء مصاف نفطية بمستوى الصناعة الاستخراجية والسياسة التسويقية للنفط مما ادى في حينه الى خلق ازمة في المنتجات النفطية وقصور تلبية حاجة الاستهلاك المحلي خصوصا البنزين والغاز وزيت الغاز والتوجه الى استيراد اعداد كبيرة من السيارات المستعملة التي تستهلك كميات اكبر من البنزين فضلا عن حاجة محطات انتاج الطاقة الكهربائية الى تلك المنتجات . وهذا كان من بين دوافع الحكومات العراقية لاستيراد هذه المنتجات بالعملة الصعبة من دول الجوار وما زالت، واتخذت اجراءات ترقيعية لمواجهة الازمة منها تحديد كميات البنزين المسموح بها للسيارات وتطبيق نظام الفردي والزوجي في حركة السير وتوقف بعض محطات الكهرباء نتيجة الازمة .
ومن الجدير بالذكر ان البرلمان في دورته الاولى قد شرع قانون الاستثمار الخاص بتصفية النفط رقم 64 لسنة 2007 الذي يهدف الى تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في عملية التنمية الاقتصادية والاسهام في بناء القاعدة الصناعية من خلال الدخول في نشاط تصفية النفط الخام وبموجبه تم منح المستثمرين في هذه الصناعة كل شيء عدا امتلاك الارض .ان هذا القانون صدر في وقت حرج كان فيه امراء الحرب في السلطة وخارجها يديرون حربا طائفية قذرة من اجل الاستحواذ على الريع النفطي .
ان حساب قيمة استيراد المنتجات النفطية من ايران والكويت وتركيا غير النفطية تصل حاليا الى ما يربو على 5 مليارات دولار سنويا وهذا المبلغ يكفي بحسب بعض التقديرات لإنشاء ثلاث مصافي تتعاظم الحاجة اليها يوما بعد آخر خاصة بعد خروج مصفى بيجي من الخدمة بسبب الدمار الذي لحق به من جراء دخول الارهاب ونقل ما تبقى من محتوياته الى جهة مجهولة ولم يبق سوى مصفيين احدهما في الدورة في بغداد والاخر في البصرة .
ومن الواضح ان انشاء مصاف جديدة من قبل المستثمرين الاجانب تواجه العديد من التحديات ابرزها البيئة غير المشجعة على المخاطرة في ظل وضع امني غير مستقر بما فيه الكفاية مع وجود ميليشيات مسلحة تمارس الابتزاز ومشاكل بيروقراطية وقانونية افصح عنها بعض المستثمرين في مؤتمر الكويت الاخير ومع ذلك فان هناك محاولات تبذلها وزارة النفط بحسب تصريحات الوزير لإنشاء مصفيين الاول في الناصرية والثاني في كربلاء وحسب هذه التصريحات فان اجتماعا عقد مع شركة الغرنج الكويتية لتبادل المعلومات وان اتفاقا اوليا تم بشان الاستثمار في مشروع الغاز المصاحب .
مما تقدم يبدو ان الحاجة المتزايدة الى مصاف جديدة يتطلب الجدية في متابعة تنفيذ الخطط والسياسات لإقامة صناعة تكرير وتصفية النفط الخام محليا بالترافق مع مستويات الانتاج والتصدير الحالية المحددة وفق قرارات الدول المنتجة للنفط التي قد تستمر لسنوات اخرى من خلال :
1-
قيام الحكومة العراقية من خلال التنسيق بين الهيئة الوطنية للاستثمار وكافة الوزارة ذات العلاقة بتوفير التطمينات الكافية والمقنعة للمستثمرين العرب والاجانب الذين شاركوا في مؤتمر الكويت مفادها ان البيئة العراقية من النواحي الامنية والسياسية والتشريعية متاحة امامهم للاستثمار بشكل عام والاستثمار في تصفية النفط بشكل خاص .
2-
تفعيل عرض مصفى الناصرية امام الشركات الاستثمارية بما فيها شركة توتال الفرنسية ولوك اويل الروسية وبتروتشايتا الصينية للتنافس على انشاء هذا المصفى بطاقة ابتدائية مقدارها 150 الف برميل يوميا وصولا الى الحد الاعلى 300 الف برميل يوميا .
3-
تفعيل الاتفاقية الموقعة مع شركة رانيا لإنشاء مصفى نفطية بطاقة 70 الف برميل يوميا بالقرب من مدينة كركو .

عرض مقالات: