شهد العراق خلال فترة زمنية قصيرة اوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة، والتي انعكست على مجمل حياة المواطن العامة، لنأخذ مثالا التراكم العددي للمركبات المستوردة بمختلف انواعها واشكالها منذ عام 2003 حتى يومنا هذا، ودون الأخذ بنظر الاعتبار قدرة وسعة الشوارع والطرق والساحات العامة، اذ لم تجر عليها اي إضافات او توسعات ومنذ اكثر من ثلاثين عاماً، لغرض استيعاب هذا الكم الهائل من المركبات، والذي ما زال مستمرا وفي زيادة يوما بعد يوم مما ادى الى حصول اختناقات مرورية شديدة تسببت في عرقلة مسيرة حياة المواطن اليومية.

ولهذا فالعمال والموظفون والطلبة والكسبة وغيرهم يجدون صعوبة بالغة صباح كل يوم في الوصول الى مبتغاهم علاوة على تعرقل حركة سير سيارات الاسعاف والاطفاء وغيرها من مركبات الطوارئ والانقاذ والخدمات الاخرى، كذلك تواجه شاحنات النقل صعوبات في نقل السلع الضرورية الى الاسواق المحلية ومراكز الخزن.

وتبعا لهذا التراكم العددي في المركبات الذي يعد من أسباب تلوث الجو نظرا لعوادم السيارات فضلا عما يسببه من ضغط نفسي اطبق على السائقين وعموم المواطنين وغالبا ما تؤدي الإشكالات البسيطة في الشوارع بسبب زحمة السير الى مشاجرة بين المواطنين او السائقين بل لم يسلم حتى رجال المرور  منها ، حيث تعرض الكثير منهم الى تجاوزات وضرب من قبل حفنة منفلتة من حمايات بعض المسؤولين الطارئين على الحكم.

خلاصة القول.. أصبح من غير الانصاف ان تتحمل مديرية المرور العامة وكوادرها الميدانيين القسط الاكبر من تبعات تخبط واخفاق الوزارات المعنية الذين يتحملون جميعهم كامل المسؤولية عن الخلل والاخفاقات في رعاية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين مما ادى الى اخفاق  مديرية المرور العامة بشكل خاص..

لذا لا بد ان تتم اعادة النظر في التوزيع السكاني في عموم العراق وذلك من خلال اعمار الاقضية والنواحي والقرى والارياف ورفدها بكافة مستلزمات الحياة الضرورية من تعبيد طرق وغيرها وتوفير فرص العمل وتشجيع العودة اليها لغرض تخفيف الضغط الهائل على المدن ولكي يتسنى بعد ذلك تحسين خدمات تنظيم المرور ..

كلمة اخيرة لا بد ان تقال..لا يوجد رجل مرور في جميع دول العالم يستطيع ان يتحمل ما يتحمله رجل المرور العراقي ولو لساعة واحدة في اليوم .. فرجل المرور العراقي تجده ينظم السير بيديه وبصفارته ويجاهر بصوته ويهرول احيانا في ظل قساوة المناخ وهشاشة الوضع الامني والتجاوزات الفظة من قبل ضعاف النفوس..

نأمل من الحكومة الجديدة ان تباشر بمعالجة جذرية لجميع  مسببات الازمات بشكل عام وازمة تنظيم المرور بشكل خاص.