تصريح "ولايتي"عن الشيوعيين والليبرالين، وعدم السماح لهم بالعودة إلى الحكم! لايمكن توصيفه إلا بأنه تغميس خارج الصحن، وتدخل غير مسبوق في الشأن العراقي الداخلي، فضلاً عن أنه مليء بالمغالطات، ويفتقر الى أبسط مقومات الدبلوماسية، رغم أنه كان وزيراً للخارجية الإيرانية على مدى (16) عاماً، وكان الانطباع السائد آنذاك، أن الإيرانيين بارعون دبلوماسياً وزادت مناسيب هذا الانطباع في محادثات الملف النووي الإيراني.
الملفت للنظر أن زيارته الى العراق، ليست سياسية أصلاً، بل هي دعوة من لجنة الاوقاف والشؤون الدينية البرلمانية للمشاركة في تأسيس مجمع للتقريب بين المذاهب الإسلامية. ويبدو أنه أصيب بالعدوى من الوزير العراقي الذي يعتقد أن دجلة والفرات ينبعان من إيران! عندما تناول في تصريحه منع الشيوعيين والليبراليين من العودة الى الحكم، وكأنهم كانوا على رأس السلطة طيلة السنوات العجاف بعد (2003) ولحد الان، بينما يعرف القاصي والداني أنهم لم يستلموا الحكم في يوم من الأيام.
إلا ان كل هذه التساؤلات سوف تتبخر تحت شمس الحقيقية، وهي أن "ولايتي" يريد أن يساهم في الحملة الشرسة ضد الشيوعيين وتحالف "سائرون" لأنه يهدد بهدم المعبد على رؤوس دهاقنة المحاصصة الطائفية والتعصب الأعمى، ويفتح نوافذ للأمل والتفاؤل ببناء عراق يكون سيد نفسه، دون تبعية لأحد، عراق ديمقراطي مدني قادر على تجسيد أحلام العراقيين في الحياة الحرة الكريمة والعيش الرغيد والمستقبل الوضاء.
لقد أضحى الهجوم على الشيوعيين والديمقراطيين، قاعدة من قواعد السلوك السياسي في العراق، وفي دول الجوار الاقليمي، من قبل مغتصبي السلطة، والعابثين بأمن الوطن والمواطن، وكل المعادين للشيوعية، لا سيما حينما يحقق الشيوعيون انتصاراً أو نجاحاً معيناً لصالح كادحي شعبهم ومحروميه. ويزداد الهجوم شراسة حتى يتحول الى حملة مسعورة، كلما كان الانتصار كبيراً، أو نوعياً، كما يحصل الاَن بسبب تشكيل تحالف "سائرون" المعبّر عن مصالح الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي، وإنهاء ملف المحاصصة البغيضة التي أدخلت العراق في نفق شديد الظلام، ولا بصيص في اَخره.
لكن المؤلم والمحزن في اَن واحد، هو أن بعض الأصدقاء قد تأثروا سلباً بما جرى ضخه أعلامياً من دعايات مغرضة وافتراءات لا أول لها ولا اَخر، بالتزامن مع الدعوة الى مقاطعة الانتخابات، الموجهة تحديداً الى جمهور القوى الديمقراطية والمدنية، وليس إلى جمهورهم، الذي يتعاملون معه بسياسة القطيع، مستغلين الهويات الفرعية وتدني مستوى الوعي، وتقديم الرشا للبسطاء من الناس.
إن الكثير من هؤلاء الأصدقاء، عدا نفرٍ ضئيل، لا أحد يشك في حرصهم، ورغبتهم في حماية الحزب من أي خطأ محتمل، أو من أي مساس بدوره وتاريخه النضالي.
بيد أن هذا التحالف "سائرون" يكاد يكون التحالف الوحيد المؤثر، العابر للطوائف، والساعي الى بناء دولة مدنية ديمقراطية تستطيع انتشال العراق من الهاوية. ومن يخامره الشك في ذلك، عليه الاطلاع والتدقيق في التحالفات والائتلافات التي ستخوض الأنتخابات القادمة، وسيرى العجب! إن لم يصب بالصدمة أيضا.

عرض مقالات: