مجلس النواب الذي تتجه اليه انظار العراقيين ليس مكانا للمجاملات، او مضيفا عشائريا تُحل فيه الخصومات بتبويس اللحى. مجلس النواب ليس ديوانا للترضيات، ولا بيتا لمن يقرر فيه ما يحلو له. فقرارات وتشريعات مجلس النواب التي يتطلع اليها العراقيون، هدفها الاول هو احلال قطيعة مع طريقة الحكم السابقة، التي انتجت الفوضى واللاعدالة والفقر، بتوفيرها الاجواء لانتعاش الفساد وجعل البلاد مرتعا للتطرف والعنف والارهاب.

لا مجال لإعادة انتاج سلطة تجعلنا ندور في فلك الازمات، التي لا ينتج عنها الا المزيد من الازمات. والناس لم تتظاهر في الشوارع ما يقرب من ثلاث سنوات، متعرضين الى شتى الضغوط واشكال التعنيف والتشهير والتشويه، كي تسمع قرارات لا تنقل العراق خطوة في الاقل نحو الاستقرار والبناء والتنمية.

ونحن في سائرون لم نتوافق على تسمية رئيس وزارء، متنازلين عن حقنا الدستوري ككتلة اكبر وفق قرار سابق للمحكمة الاتحادية، الا لان الهبة الجماهيرية الباسلة لشباب البصرة المتطلعين الى الانصاف، حاضرة في وجداننا. وحينما تمت تسمية رئيس الوزراء، لم يوقع له صك ابيض بادارة البلاد كيفما يشاء. بل كان ذلك من اجل الا يصبح موقع رئيس الوزراء، مادة لصراع لا معنى له في ظل معاناة الناس الاليمة، وتطلعهم الى حياة كريمة. وبهذا المعنى لا نجد من الانصاف ان يضعنا اليوم من تم اختياره لتجاوز ازمة اختيار رئيس الوزراء، امام ازمة استكمال الكابينة الوزراية وفقا لمصالح واهواء لا مسوغ لها، وبعيدة عن المعايير التي جرى التوافق عليها.

غريب ما نلحظ من اصرار على فرض شخص معين، وخلق ازمة لا يتحملها الوضع السياسي المأزوم اصلا. فلم يعد مفهوما التمسك بهذه الشخصية او تلك لهذا المرفق او ذاك، في وقت لا يشهد فيه العراق شحة في الكفاءات، ولا توجد صعوبة في العثور على الشخصية النزيهة المستقلة الكفوءة، التي تتبنى مبدأ ومنهج المواطنة. بل قد تكمن الصعوبة في وفرة الكفاءات، التي تترك المرء حائرا في ايها  يختار!

نعم، لم نجد مسوغا مقنعا لعدم سماع رأي كتلة الاصلاح والاعمار، القائل ان القرار لا بد ان يكون عراقيا، بعيدا عن اي نفوذ خارجي.

ان الاصلاح يكتسب مشروعيته من عدم المساومة على بعده الوطني، وعدم الخضوع للمصالح الاقليمية والدولية على حساب العراق، وعدم التراجع عن ضرب جدار المحاصصة حيثما امكن، والتمسك برؤية التغيير والانتقال من نظام المكونات الى نظام المواطنة، والعمل على ان تكون مصالح الناس وحقهم في العيش الآمن والكريم نصب العين في كل حين.

والاصلاح ممكن فقط بالاستناد الى كتلة برلمانية اصلاحية مدعومة شعبيا،  والى وزارة ذات رؤية اصلاحية حقيقية، تتمتع شخصياتها بالكفاءة والاخلاص والنزاهة، بعيدا عن الاستقطابات الطائفية والمناطقية. ليس هذا وحسب، بل يجب ان يكون لرئيس الوزراء فريق عمل مهني كفوء، يسهر على توفير شروط البناء والتنمية والاعمار، وما يحقق العيش الآمن والكريم للمواطنين.

عرض مقالات: