كشفت بعض الاحصائيات الرسمية التابعة لمنظمات عالمية ومحلية حقائق تخص المستوى المعيشي للمواطن العراقي، فتجلت الحقيقة المرة بالارقام والنسب المئوية. وبحسب إحصائيات البنك الدولي فإن "نسبة الفقر في العراق وصلت إلى 41,2 بالمائة في المناطق المحررة، و30 بالمائة في المناطق الجنوبية، و 23 بالمائة في الوسط، و 12,5 في المائة في إقليم كردستان".
ويستدل من تلك الارقام المرعبة ان اكثر من ربع سكان العراق يعيشون تحت مستوى خط الفقر، حيث لا يجدون ابسط وسائل العيش الكريم من الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب، بالإضافة لعدم انتظام اولادهم في المدارس.
دائما يكون المبرر لهذه الأسئلة والتساؤلات الشعبية هو الفساد والمفسدون ممن سرقوا اموال الشعب، ربما الجواب صحيح ولا يختلف عليه اثنان، لكن اليس السبب الرئيس هو بناء نظام سياسي بعد عام 2003 اعتمد المحاصصة والطائفية، بدلا من بناء المؤسسات الوطنية المستقلة من التكنوقراط، وتكون مهمتهم هي بناء الدولة تعتمد أسس العدالة الاجتماعية والمواطنة وتؤمن بحقوق المواطن وكرامته المنصوص عليها في الدستور العراقي والذي صوت عليه الشعب.
من المفارقات الغريبة والتي تثير الاستفزاز تجد بالرغم من معدلات الفقر العالية حيث يعيش قسم من افراد المجتمع بشظف عيش وعوز شديدين، توجد منافذ لهدر الاموال الطائلة في غير محلها وتصرف مبالغ على ترف وتنعم بعض النخب السياسية المتنفذة.
هنا اطرح السؤال الاتي أمام الحكومة الجديدة، هل هذا العدل والإنصاف؟ وهل ستكون الحكومة الجديدة نسخة مكررة لمثيلاتها ممن سبقتها ؟
يشخص علماء الاجتماع بان الفقر عامل سلبي، ضعضع المجتمع واضعف تلاحمه وتماسكه، في مواجهة الازمات والتحديات التي يمر بها البلد، كما يؤدي بافراد المجتمع للانزلاق في اتون الجريمة والانحراف الأخلاقي، كذلك يمنع الفقر الأطفال من مواصلتهم التعليم و إكمال الدراسة بالنظر لعجز الآباء عن تحمل تكاليف الدراسة، لذا تفضل العوائل الفقيرة تشغيل أطفالها بدلا عن التعليم لتامين مصدر معيشي بسيط اليهم.
واجد ان من العوامل التي تزيد الفقر في البلاد تلك المرتبطة بالسياسة الزراعية، وحماية المنتج الزراعي والصناعي المحلي، وتعطل المشاريع التنموية والصناعية، كما انهارت بقايا الصناعات التحويلية المحدودة التي نمت في العقود الأخيرة، وغيرها..
اخيرا اقول هل ستلتزم الحكومة الجديدة كما تعهدت في برنامجها بأن "أولويات العمل هي القضاء على الفقر والبطالة وتوفير الخدمات العامة "، ومحاربة الفساد والابتعاد عن تحقيق منافع ومكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة وحقوق المواطن والانتقاص من سيادة الدولة ومؤسساتها.

عرض مقالات: