الأمن الغذائي حسب تعريف البنك الدولى هو : حصول كل الناس في اي بلد وفي كل الاوقات على غذاء كاف لحياة نشطة وسليمة جوهرها وفرة الغذاء والقدرة على توصيله. وفي هذا السياق فان الثروة السمكية تشكل مادة مهمة في تركيبة عناصرالامن الغذائي التي تتطلبها حياة آمنة يتوفر فيها غذاء متوازن ملائم لحياة الانسان العراقي.
فهل كان الاهتمام الحكومي على درجة كافية من الجدية للحفاظ على هذه الثروة والسعي الملموس إلى تطويرها ؟ ان واقع الثروة السمكية في العراق يواجه وللاسف تهديدات جدية بالانقراض جراء تلوث المياه في بحيرة الحبانية والكثير من بحيرات الاسماك الاصطناعية وفي بعض الاهوار في جنوب العراق وشط العرب ، وهذا الاخير تفاقمت فيه نسبة الملوحة مشكلة ارقاما قياسية تهدد معظم سكان مدينة البصرة بسبب قلة المياه العذبة في نهري دجلة والفرات وتوقف الروافد التي تصب في نهر دجلة الواردة من ايران في اجراءات غير مسؤولة اتخذتها السلطات التركية والايرانية بحجج ومبررات تتناقض مع حقوق الجيرة والاتفاقات الدولية .
ويعود هذا الخطر الذي يواجه الثروة السمكية الى جملة من العوامل والاسباب ومن ابرزها تعاظم نسبة الملوحة وارتفاع نسبة البكتيريا ونسب العديد من المواد الضارة الاخرى مثل البنزين واثيل البنزين وزايلين وغيرها التي تسبب انخفاض الاوكسجين في الماء .
غير ان التحديات التي تواجه عملية توسيع الثروة السمكية لم تتوقف عند الاسباب المبينة في اعلاه وانما هناك اسباب اخرى ليس اقلها تلكؤ السياسة الزراعية في العراق التي تتمثل في عدة اوجه وفي مقدمتها ضعف حجم الاستثمارات في مجال تطوير الثروة السمكية بالرغم من بعض الاجراءات التي قامت بها وزارة الزراعة من خلال توسيع بعض مشاريع التنمية السمكية وابرزها مشروع انتاج الاصبعيات في قضاء الصويرة الا ان هذه المشاريع لم ترتق الى اهمية الثروة السمكية وحاجتها الى التوسع والتنمية واهميتها في مجال تحقيق الامن الغذائي في البلاد كما ان مسؤوليتها الرقابية هي الاخرى لم ترتق الى مستوى تطبيق التشريعات ذات الصلة فضلا عن عدم توفير البيانات الاحصائية التي تساعد الباحثين والمهتمين بشان الثروة السمكية في العراق على الخروج بمقترحات عملية وبناءة ، وتردي النشاط الاعلامي الارشادي للمهتمين بالزراعة السمكية. وما دمنا نتحدث عن التحديات المقلقة التي تعرقل عملية التنمية السمكية فانه من المناسب الاشارة الى بعض الاجراءات التي تتخذها الاجهزة الامنية بخصوص بحيرات الاسماك في شمال بغداد وذلك من خلال قيامها بردم عشرات بحيرات الاسماك في منطقة شمال بغداد وغربها والتي تشكل مصدرا مهما في تغذية السوق المحلية بحجة قيام اصحابها بتمويل الارهاب وهي حجة ان صح انطباقها على البعض القليل الشاذ التي تتوفر الادلة الدامغة ضدهم فانها لا تنطبق على الجزء الاعظم خاصة وان اغلب اصحابها مدينون بعشرات او مئات الملايين من الدنانير سواء للدولة او لاصحاب الاعلاف او الاصبعيات فضلا عن الضرر على الاقتصاد الوطني الذي تلحقه هذه الاجراءات .
ان نجاح البرنامج الحكومي اللاحق اذا اريد له تنمية الثروة السمكية لابد ان يأخذ بالحسبان حاجة الامن الغذائي للسكان والتخطيط المدروس لتنشيط عملية الزراعة السمكية من خلال مراعاة التوجهات التالية :
1.
مضاعفة حجم الاستثمار في القطاع الزراعي لتكون الثروة السمكية وتوسيع تنميتها جزءا من عملية الاستثمار على المستويين الحكومي والقطاع الخاص من خلال التشجيع على عملية الاستزراع السمكي سواء في مجال بحيرات الاسماك اوالاقفاص العائمة او المفاقس وتوسيع طاقة مفقس الصويرة .
2.
تشديد الرقابة الحكومية على مشاريع تربية الاسماك والتأكد من سلامتها من عوامل التلوث من خلال اجراء الفحوصات على نوعية المياه المستخدمة ودرجة الملوحة ونسبة البكتيريا من خلال تبني مشروع تحسسي ونصب محطات التحسس النائية العائمة لقياس درجة التحسس .
3.
التنسيق التام بين وزارة الزراعة والجهات ذات العلاقة كوزارة الموارد المائية والاجهزة الامنية المتواجدة في المناطق التي كانت تسمى بالساخنة من اجل توفير المياه والتخلي عن الاجراءات المشددة ضد اصحاب البحيرات السمكية دعما للاقتصاد الوطني .

عرض مقالات: