اكتشاف النفط في هذه المنطقة ، جعلها محط انظار الادارات الغربية وشركاتها الاحتكارية منذ القدم ، يثير شهيتها ويسيل لعابها ، لما تتمتع به هذه الثروة من مردود اقتصادي هائل ، فجندت كل امكانياتها العسكرية والفكرية للسيطرة على منابع النفط هنا والاستحواذ على ثروات تلك البلدان المنتجة لتلك المادة المعروفة ( بالذهب الاسود) ، مطلقة العنان لعقولها ودهاقنتها وخبرائها في المجالات السياسية والاقتصادية ان  تهيأ لتواجدهم بشكل مباشر او غير مباشر ، مستخدمة في البداية القوة العسكرية ودعم الانقلابات العسكرية الموالية لهم  لاحتلال تلك البلدان بشكل مباشر وتنصيب حكومات خاضعة ذليلة رهن اشارتهم  ، مهمتها تنفيذ سياساتهم  والحفاظ على مصالحهم ، وهناك امثلة كثير كما حدث لثورة 14 تموز كونها اممت النفط  الثروة الوطنية العائدة للشعب العراقي ،  وهددت الشركات الاحتكارية باصدارها قانون رقم 80 لسنة 1961 والذي تحررت بموجبه 95% من الاراضي العراقية من سيطرة الشركات النفطية الاحتكارية العالمية ، وغيرها من المنجزات الوطنية والتي اعتبرتها الادارات الغربية تحد لها ولمصالحها في حينها، اما اليوم وعلى ضوء المعطيات الجديدة راح مفكري ومنظري الادارة الامريكية يبحثون عن بدائل لسياسة التدخل العسكري المباشر ، فاستحدثوا نظرية ( الفوضى الخلاقة ) مطبقيها بعد اسقاط الدكتاتورية  وشرعنة احتلالهم للعراق .

هذه الهدية الامريكية المسماة ( بالفوضى الخلاقة ) كانت ملغومة  نشرت الفو ضى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في الداخل ، انتجت، نظام المحاصصة الطائفي القومي  ،مكرساً الطائفية السياسية و الفساد والفوضى وفقدان القانون ،مما هيأالاجواء لاحتلال داعش لثلث الا راضي العراقية ليدمر الوطن ويحط من كرامة اهله ويسيئ الى مكونات شعبه ويشردها في طول البلاد وعرضها ، ولكن بسواعد قواته المسلحة الوطنية بمختلف صنوفها  ووحدة ابناءه الوطنية وتصميمهم على الانتصار على هذا الوحش الفاشي

تم الانتصار ولكن جيوبه وحواضنه لاتزال تتحين الفرص للعودة ثانية ، خاصة اذا علمنا ان الاسباب التي جيئت بداعش لاتزال قائمة وفي مقدمتها نهج المحاصصة الطائفية والتكالب على عودته للحكم كذلك الفساد حليف الارهاب وسنده القوى في معركته مع القوى المدنية والديمقراطية ومشروعها الذي يعتمد المواطنة ودولة المواطن ويرسخ القانون والعدالة الاجتماعية .

ان الارهاب لم يأت الى العراق زائراً وانما جاء يحمل معه مشروعا فكرياً تدميرياً يستهدف الانسان العراقي اولاً والارض ثانياً

لذلك فالحرب معه لم تنته بهزيمته عسكرياً وانما يتطلب جهدا فكريا جديا يزيح مايستند عليه داخليا الا وهو الفكر الظلامي المتخلف الذي يوضف الطائفية السياسية لتسند توجهه الذي يعتمد الهويات الفرعية والاثنية ويغيب الهوية الوطنية للاضعاف الوحدة الوطنية .

كذلك لاننسى ان الارهاب لديه من يسنده ويحركه خارجيا واقليميا كلما دعت الضرورة لذلك ليشكل اداة ضغط احتياطية، واذا وجد مصنعي داعش انه غير قادر على تنفيذ اجنداتهم ، سيتدخلون بعناوين اخرى ،واما التلويح بالضغوط الاقتصادية فهو سلاح فعُال يستخدم للحفاض على مصالحهم والضغط على الحكومات لاخضاعها واذلالها اكثر لتنفيذ املاءاتها ، ولكن ومن خلال التجربة اثبت ان الحصار الاقتصادي عقوبة موجه ضد الشعوب ولن يتضرر منها الحكام ، وتجربة نظام الدكتاتورية الساقط خير من يؤكد ذلك حيث حول النظام الدكتاتوري الحصار الاقتصادي المفروض من قبل الادارة الامريكية، لصالحه  وتوجيهه ضد الشعب العراقي وتجويعه وحرمانه من ابسط مستلزمات الحياة ، مضيفاً عبئاً ثقيلاً على الشعب الذي يعاني بالاساس قمع النظام وجرائمه.  

لذلك  فالتلويح بالضغوط الاقتصادية على البلدان هو ابتزازها مالياً كما حدث  لدول الخليج ،( تحت عنوان ادفع بالتي هي احسن )!! وقد فلتت حينها قطر من شبكة الصياد الامريكي !! واليوم تشن حربها الاقتصادية  على ايران والعراق لفرض حصار اقتصادي عليهما لتركيعهما  واملاء شروطها  عليهم .

 يبقى هدف الادارة الامريكية ظاهراً هو الانظمة  لكن في الحقيقة والواقع هو الشعوب وتدميرها وهذا ماشاهدناه وكيف خرج نظام صدام منه قوياً يتاجر بالحصار الامريكي ويوضفه لصالح نظامه بالمقابل يرزح الشعب العراقي من جراء العقوبات الاقتصادية  تحت الفقر والجوع والمرض والكوارث

واليوم سيتكرر هذا السيناريو مع الشعب الايراني المتضرر الاساس من هذه العقوبات الاقتصادية على النظام ، لان النظام الايراني لديه الكثير من الاوراق سيلعبها ليحافظ على قوته ليوجهها ضد الشعب الايراني منها فرض الضرائب وتزوير العملة والتفتيش عن شركاء جدد .......الخ

لقد ابتلت شعوب المنطقة بانظمة دكتاتورية تسلطية كلفت( بالوكالة ) بتجويع  الشعوب وحرمانها من ابسط حقوقها بالحياة الحرة الكريمة حتى لايبقى لها مجالا للتفكير بما يحصل لها وكشف الادواة المرتهنة للاجنبي  والتي تنفذ اوامره الموجه ضد الشعوب

ولذلك تجد الادارات الغربية تستبدل كما هي قطع الشطرنج هؤلاء الحكام بين فترة واخرى مع تحسين صور القادمين الجدد ، بعد ان تشن هجوماً على اصدقاءها بالامس الذين دافعت عنهم وعن جرائمهم ضد ابناء الشعب ومناضليه البواسل ، ولن تقف عند هذا بل واصلت نقدها لفكر هؤلا الحكام  كما هاجمت فكر البعث ونعتتهم يومها بالقوميين والبعثين الفاشيين ، متجاهلة جرائمهم في 8شباط الدموي والذي نقلُ قادته بالقطار الامريكي !!انطلاقاً من سياسة الادارة الامريكية (تراويك حنطة وتبيعك شعير ) !!

ثم جاء تغييره ببديل وفق مواصفات البيت الابيض توج بالاحتلال الامريكي  وتنصيب بريمر حاكما ، ليضع لمسات الحكومات القادمة، واي نهج يمكن  الاطمانان اليه فكان نهج المحاصصة الطائفي القومي  ، ليستبدل نهج اشتراكية شارع الرشيد كما اسميت حينها تكهنا ! الى الطائفية السياسية ترافقها الفوضى الامريكية خالقة الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، لتوصل الشعب العراقي الى هذا الدرك المظلم الخانق الذي اوصل المواطن العراقي بانه مستعد ان يتنازل عن الكثير من حقوقه على ان يبقى الوطن سالماً  ،لشعوره وهو محق ان المتنفذين رواد نظام المحاصصة جادين ببيع الوطن  في سوق المساومات الخارجية والاقليمية ، ومن يعتقد غير ذلك فاليبرهن على العكس ،

خاصة وان الفاسدين المتنفذين متمسكون وباصرار على البقاء ولن يغادروا هذا النهج الا على رؤوس الحراب .

عرض مقالات: