مَرّ الحزب الشيوعي العراقي بمنعطفات سياسية كبيرة وخطيرة خلال عمره ال 84 المديد وفي كل مرة يخرج مرفوع الرأس متمثلاً بوحدته الصلبة والتفاف الجماهير حوله. وخلال ال 15 عاما المنصرمة منذ سقوط نظام البعث البغيض نرى التوافقات والمحاصصة الطائفية والقومية هي من تحسم الموقف السياسي بعيدا عن القوى التقدمية والمدنية اليسارية واللبرالية والتي يمكن ان تُسّير البلاد نحو بر التقدم والازدهار لما لها من خبرة واخلاص ونزاهة. وقد تقدم الحزب بعدة مقترحات للتحول بالبلاد نحو التقدم والبناء لكن امراض التمسك بالسلطة من قبل الفاسدين حال دون ذلك بالرغم من دعم الكثير لمقترحات الحزب في عقد مؤتمر وطني لجميع الكتل والاحزاب دوم استثناء أحد للخروج من عنق الزجاجة التي تعرقل وصول العراق الى محاربة الفساد والبدء بالبناء والاعمار...

لكن كل المحاولات باءت بالفشل بسبب انشغال القوى المسيطرة على السلطة بامتيازاتها والتغطية على فشلها المتميّز في بناء دولة مؤسسات. ولذلك انطلقت تظاهرات شباط 2011 حيث ضُربت بقسوة في البصرة وبابل وبغداد وسقط العديد من الشهداء الذين طالبوا بالمساواة والعدالة الاجتماعية ونبذ المحاصصة ومحاسبة الفاسدين وتوفير الخدمات، ولذلك اتجه الحزب الشيوعي العراقي الى تعاون في الاحتجاجات المدنية مع أطراف لها مصلحة في الاصلاح وتتوجت هذه اللقاءات الى تظاهرات مشتركة من قوى مدنية وتقدمية واسلامية متنورة منذ 2014 اي منذ احتلال داعش الارهابية ثلث العراق وكانت بغداد مهددة بسبب تعاون أكثر من طرف مستفيد من سياسيي المحاصصة مع الارهابيين. وقد تتوّج هذا التعاون مع الاسلاميين المتنورين الى تحالف انتخابي في مايس 2018 ضمن برنامج محدد يُلزم جميع الاطراف الستة المشتركة فيه مما أثار حفيظة البعض داخل وخارج الحزب بسبب تجارب جبهوية سابقة مما حدى ببعض القوى الشيوعية واليسارية والتقدمية الى الدعوة لمقاطعة الانتخابات لأسباب عدة منها ان نتيجة الانتخابات معروفة سلفا بسبب التزوير الذي سوف يرافقها وبالفعل رافقها الكثير من التزوير من قبل الكتل الفاشلة والفاسدة وهم ممن دعوا الى الانتخابات والتصويت الالكتروني وهم الان ممن دعوا وصوتوا في البرلمان الى العد والفرز اليدوي وسوف تطول هذه الفترة مما يثير الكثير من الشكوك حول امكانية ممارسة الضغوط والتزوير لتعديل نسب الخاسرين بالرغم من قانون انتخابي جائر هم من وضعوه.

 كل ذلك أُثار زوبعة في داخل وخارج صفوف الحزب تخوفا من ردة ما تطيح بالتحالف الاخير من خلال لقاءات احادية الجانب بعيداً عما اتفق عليه قبل الانتخابات. لكن اللقاءات المستمرة والتي اغنتها قيادة الحزب مع الكوادر والاعضاء لشرح طبيعة الصراعات الدائرة في اروقة الكتل وموقف الحزب منها هدأ الوضع لابل ارجع الوضع الى ما هو عليه من وحدة في صفوف الحزب إلا ما ندر من قبل البعض المغترب والذي لم يعيش معاناة الوطن والشعب حيث بقي يُغرّد على هواه ولم يستطيع ان يقدم مشروعاً يمكن مناقشته ما عدا المقاطعة.

 والآن بعد احداث البصرة والتظاهرات التي عمت وسوف تعم أكثر من محافظة ما هو رأي المقاطعين من كل ما حدث خلال الايام القليلة الماضية. هنا تكمن وحدة الكلمة ووحدة الرأي فلا خلاف لا يمكن حله ولكن عبر الوسائل الطرق المعروفة والصحيحة وبذلك تكون وحدة حزبنا الشيوعي العراقي هي البوصلة التي نسير عليها.

ان وحدة الحزب الشيوعي العراقي هي قوة إضافية للقوى التقدمية والديمقراطية وحتى اللبرالية امام تسلّط القوى الفاسدة والانتهازية في السلطة وربما تكون الانتخابات الاخيرة هي الفيصل المهم للبدء بإزاحتهم وتغيير مسار الدولة عبر برلمان يُغيّر الكثير من القوانين المجحفة كقانون الانتخابات والامتيازات المالية الفلكية للنواب السابقين والذين فشلوا في الاحتفاظ بمقعدهم البرلماني ومحاسبة المقصرين ومحاسبة مسببي احتلال داعش لثلث العراق واستشهاد عشرات الالاف بسبب الحرب على داعش وتدمير معظم المدن التي احتلها اضافة الى مجزرة سبايكر.

إن الدعوة للتظاهر السلمي احتجاجاً على سقوط العديد من أبناء البصرة والكوت بين قتيل وجريح وتحديد اليوم 10 تموز والتظاهرة في يوم الجمعة القادمة 13 تموز سوف تكون مناسبة للخروج بأعداد كبيرة للجماهير المتضررة من نظام المحاصصة وترك السلبيات والاشتراك بكل قوة لاسيما من قوانا الحزبية والديمقراطية واليسارية واللبرالية. لندع الخلافات جانبا لان ما نراه في التظاهرات لا يمثل أعشار الاعشار من جماهيرنا وجماهير القوى الاخرى، العراق ومصيره متعلق بالتغيير واجبار السلطة على محاسبة الفاسدين ومسببي الكوارث التي يعيشها العراق منذ 15 عاما.

إن التغيير لا يتم عبر مناشدات صحفية فقط أو المقاطعة وانما الاشتراك الفعلي بالتغيير. انها مهمة الجميع.    

عرض مقالات: