ثمة مفاهيم اقتصادية تحت تأثير الحداثوية الرقمية للرأسمالية الطفيلية المتوحشة التي تمنح السلطة المطلقة لقوانين السوق العبثية بشعارات متلازمة ( الخصخصة ) وقطع الإعانات الاجتماعية وتثقيل فاتورات الرسوم التعسفية السالبة للأقوات التي تزيد هوة التفاوت الطبقي فتفقر الفقير وتزيد من غنى الأثرياء فيتجه البعض للتخفيف من حدة مصطلح الرأسمالية المتوحشة بمصطلح أكثر وداعة تسميها النيولبرالية المعولمة – تحديا - للمعارضة التي كان ردها – نكاية - أنكم القطط السمان !؟ .
أن كل ما ورد عن مفاهيم عن الرأسمالية تعتبر ( تزويق ) للدمامة وتحصين أمن للجلاد وحصار دائم للضحية لتلك الشعوب المقهورة التي دفعت فاتورة محاكمة صحافتها وتقزيم حرياتها .
الليبرالية الجديدة هي حزمة من السياسات الاقتصادية التي انتشرت على نطاق واسع في العقود الأخيرة ، وتشير إلى أفكار سياسية واقتصادية وحتى دينية ، واشتهرت المدرسة الليبرالية الاقتصادية في أوربا عندما نشر الاقتصادي الأسكتلندي " آدم سميث " كتابه ( ثروة الأمم ) عام 1776 ، مدافعاً لإلغاء التدخل الحكومي في الشؤون الاقتصادية برفع القيود عن عملية التصنيع ، ورفع الحواجز والتعريفات الكمركية ، وأعلن في كتابه : أن التجارة الحرّة هي أفضل وسيلة للنهوض باقتصاد دولة ما ، وهي إشارة لأصحاب رؤوس الأموال أنكم أحرار في الوسيلة التي تجنون بها أرباحاً طائلة خيالية !؟.
يتضح من تأريخ الغرب الأوربي أن اللبرالية سبقت الرأسمالية ، بل أن اللبرالية هي الأساس الفكري للرأسمالية كنظام اقتصادي تكون اللبرالية هي السياسة والرأسمالية هي الاقتصاد ، وقد بدأت اللبرالية فكراً منذ الإصلاح الديني في القرن 15 ثم النزعة الإنسانية في القرن 16 ، فتحرير الفكر في القرن 17 والثورة الفرنسية في القرن 18 لتبلغ الرأسمالية أوجها في القرن 19 ، وقبل أن تبدأ أزمتها في القرن العشرين رغم منجزاتها ومآثرها في حرية الفكر ورفض سلطة الكنيسة والأقطاع وتأكيد حرية الفرد وديمقراطية المجتمع فأنها وقعت في أخطاء فادحة منها:
استعمار بعض مناطق من العالم القديم للبحث عن المواد الأولية واليد العاملة الرخيصة نتجت تراكم الثروة وظهور العبودية من جراء استيراد عبيدا من أفريقيا.
إذا تعتبر اللبرالية الجديدة قناعاً يخفي تغوّلْ الرأسمالية وتفتيت أنساق القيم وتدمير المقومات الخلقية، سادت الليبرالية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في العالم العربي طُبقت كمحاولة لدراسة إحدى الظواهر الفكرية التي اجتاحت العالم في ظل العولمة وخلال أربعة عقود من سياسات اللبرالية الجديدة في خططها الاقتصادية والتنموية (انتهت) بالفشل وإخفاقات مشهودة حتى طفحت إسقاطاتها وسيئاتها في الكساد الاقتصادي العظيم في ثلاثينيات القرن العشرين.
إلى أن الأزمة الرأسمالية في العقود الأخيرة أتسمتْ بتقليص معدلات الربح دفعت الشركات العملاقة بإعادة أحياء الليبرالية الاقتصادية وهو ما يولد ليبرالية جديدة ، أن صعود الليبرالية الجديدة ظهرت تطبيقاتها الشمولية في تسعينات القرن الماضي بعد انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي الاشتراكية ، فأعلنت اللبرالية كنموذج فكري وسياسي لتنظيم المجتمع كما يعتقد الفكر الرأسمالي والتي أظهرت صيغة "اللبرالية الجديدة " للتخفيف عن غلواء الرأسمالية فسمحت نسبيا بتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ضمن القطاع الخاص ، والآن في ظل العولمة المتسارعة للاقتصاد الرأسمالي ، بتطبيق الليبرالية الجديدة على نطاق عالمي بحيث تتضمن الملامح الرئيسة للبرالية الجديدة التي تظهر:
(مساوئ وتداعيات وإسقاطات) الرأسمالية الجديدة:
-هيمنة السوق برفع كافة القيود التي تفرضها الحكومات على المشروعات الخاصة مع الانفتاح الواسع على التجارة والاستثمار الدولي وتخفيض الأجور.
- حل النقابات العمالية وتهميش حقوق العمال التي حصلوا عليها عبر سنوات في الكفاح .
- إتاحة الحرية الكاملة لحركة رؤوس الأموال والبضائع والخدمات.
- تقليص الأنفاق على الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة، وخفض الأنفاق على خدمات الضمان الاجتماعي، وصيانة البنى التحتية من سكن ومواصلات وماء وكهرباء.
- الخصخصة ببيع المشروعات والبضائع والخدمات التي تمتلكها الدولة إلى رجال الأعمال وتتضمن بيع البنوك والصناعات الحيوية وسكك الحديد والكهرباء والتعليم والمستشفيات، وكل هذا يعني (تسليع) الإنسان بالوقت الذي هو في نظر الاشتراكية العلمية {أثمن رأسمال}.
- القضاء على مفهوم الصالح العام واستبداله بمصطلح المسؤولية الفردية، فهي تدمر برامج الرفاهية الاجتماعية وتهاجم حقوق العمال والطبقة الوسطى.
- يحاول اللبراليون عند تعريف اللبرالية بأنها ( الحرية ) وهذا تزييف ، فالحرية أدعتها كثير من المذاهب والفلسفات ، وليس هناك تعريف متفق عليه للبرالية .
- زيف زعم أن اللبرالية هي الحل لمشاكل العالم ، وأن اللبرالية في الحقيقة موظة سرعان ما تزول كغيرها من الشعارات الديماغوجية الدعائية الرخيصة .
- تضع ترتيبات اقتصادية وسياسية جديدة تسودها الفوضوية من جراء زيادة المرونة الاقتصادية Flexibiliy lean Production أي النتاج اللين المرن.
- أضعاف النمو الاقتصادي وخصوصاً عند الدول النامية التي تظهر فيها الأزمات مضخمة أكثر من الدول الغربية لضعف قدرتها الاحتمالية.
- اللبرالية الجديدة تولد التقشف الذي بدوره يقود إلى المديونية واستلابات البنك الدولي وقروضها المتعسفة.
- ومن تداعياتها الحداثوية تعدد الاشتراكيات دون أساس لبرالي مثل: تجربة التسيير الذاتي في الجزائر والاشتراكية الأفريقية والاشتراكية المسيحية والاشتراكية الإسلامية والاشتراكية الحميدة والمجيدة في العراق (العهد العارفي).
كاتب وباحث وناقد أدب عراقي مغترب
بعض المصادر والهوامش
- نقد اللبرالية الجديدة / د-الطيب بو عزّه 2009 - النت
- عبدالله الغذامي / أسئلة في الحرية والتفاوضية الثقافية -2013 المغرب
- د- أشرف منصور – الجذور الفكرية للبرالية الجديدة
-أدم سميث – ثروة الأمم
- كتاب ما بعد الرأسمالية المتهالكة للدكتور سمير أمين
تموز2025