تُحاول معظم الدول الغربية، بما في ذلك الدنمارك وبشكل مُتعمد، الدفاع عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية باعتبارها "دفاعاً مشروعاً عن النفس".
نعم، يُصنَّفْ المُقاتلون الفلسطينيون من أجل الحرية والمُقاومون للاحتلال، مِثلنا زمن الاحتلال، يُنعتون بالإرهابيين ويُعرّضون سكانهم المدنيين بالكامل لأعمال انتقامية مشروعة من الاحتلال.
لقد أودى هذا بحياة أكثر من 50,000 شخص في غزة في هذه الحرب الأخيرة، منهم ما يقرب من 20,000 طفل. لقد تركوا غزّة كومة أنقاض لا تصلح للسكن، حيث تُطارد قوات الاحتلال السكان مع تحذيرات مستمرة من هجمات عسكرية محلية دقيقة. إنهم يَمنعونَ وصول الغذاء والدواء والماء الذي تحاول منظمات الإغاثة إيصاله إلى السكان الجرحى والجوعى، الذين دُمِّرت مستشفياتهم أيضاً. وحتى الساعة، يُعزى مقتل معظم عمال الإغاثة والصحفيين إلى هذا الصراع المسلح.
منذ زمن طويل، وثَّقتْ محكمة الجنايات الدولية جرائم الحرب الإسرائيلية. حتى أن إسرائيل تُصرّح علناً بأن هدفها هو تفريغ الأراضي التي احتلتها من الفلسطينيين والاستيلاء عليها.
إنهم يتفاوضون علناً مع دول في أفريقيا لاستقبال النازحين الفلسطينيين كلاجئين. وقد دَعمتْ على وجه الخصوص كل من الولايات المتحدة وأوروبا، إسرائيل سياسيا واقتصاديا طوال هذه العملية. إنَّهم يُصنِّفون مُعارضي الانتهاكات الإسرائيلية كمعادين للسامية، وتمّت معاقبتهم في عدة حالات. أصبح الآن التحدث علناً لصالح الفلسطينيين جريمة جنائية في عدد من الدول.
يجب أن نرفض استخفاف الحكومة الدنماركية بسلوك حكومة إسرائيل الفاشية. إسرائيل تقف خلفَ الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والتهديدات العسكرية والهجمات على الفلسطينيين وعدد من الدول في المنطقة المحيطة بها، مثل لبنان وسوريا واليمن وإيران.
فلسطين
اعترفتْ ما يقرب من 150 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة ذات سيادة منذ عام 1988، مِن بينها النرويج و10 دول فقط من الاتحاد الأوروبي هي: السويد، وأيرلندا، وإسبانيا، وبولندا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، والمجر، وبلغاريا، ورومانيا، وقبرص.
السؤال أين الدنمارك من مسألة الاعتراف؟
حتى الآن، ردَّت الحكومة الدانماركية بأنها تتبع قرار الأغلبية في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، لا تزال هناك أصوات أكثر أهمية، بما في ذلك مُوينز لوكيتوفت (2) من شبكة الشرق الأوسط، تُطالب الدنمارك بمقاطعة شاملة لإسرائيل.
يُطلِق وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن، بالتعاون مع المملكة المتحدة وإيطاليا، مبادرةً لإثارة الوضع الكارثي في غزة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وللأسف، شهدنا هذا مراتٍ لا تُحصى على مدار السنوات الـ 77 الماضية. في الجمعية العامة للأمم المتحدة تُعتمَد قراراتٌ واحدٌ تلو الأخر، لكن إسرائيل لا تلتزم بها دون عواقب. في مجلس الأمن، تُعرقِل الولايات المتحدة الأمريكية جميع مقترحات المطالبات والعقوبات ضد إسرائيل باستخدام حق النقض (الفيتو).
في بريطانيا العظمى، تبنّت النقابات العمالية الرائدة مقاطعةً شاملةً لإسرائيل. وفي النرويج، تبنّت منظمة العمال أيضاً مقاطعةً كاملة. فأين هي قيادة الحركة النقابية الدنماركية؟
حتى الآن، حاول طلاب الجامعات الدنماركية عبثاً فرض مقاطعة أكاديمية على المؤسسات التعليمية الإسرائيلية، على غرار ما فعلته العديد من الجامعات الأمريكية.
أين هي المنظمات الرياضية الدنماركية بمطالبها بمقاطعة إسرائيل في مجال الرياضة؟ لقد نجحت ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وكان من السهل عليها أيضاً تمريرها ضد روسيا.
أين ذهبت المقاطعة الثقافية؟ لا تزال إسرائيل تشارك في مسابقة الجائزة الكبرى للأغنية الأوروبية.
يجب على وسائل إعلامنا وسياسيينا ونقاباتنا ومجتمعنا بأسره المطالبة بعقوباتٍ صارمةٍ ضد دولة إسرائيل الإجرامية والعنصرية لوقف هذه الفظائع. جرائم الحرب يجب أن يُعاقب عليها - لا أن يتم دعمها!
* عن صحيفة كومونيست الدنماركية، أيار 2025
(1) قيادية في الحزب الشيوعي الدنماركي وعضو لجنة العلاقات الخارجية.
(2) سياسي دانماركي وشخصية بارزة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة سابقًا.