سابق الأيام كانت قاسية وقد عانى تفاصيلها كل أبناء شعبنا في قطاع غزة، ما بين القتل والاعاقة والاعتقال والنزوح المتكرر وشح الاحتياجات المعيشية بمختلف تفاصيلها والقلق في كل لحظة وكل مكان من ان يفتت جسدك واجساد اطفالك صاروخ غادر حيث تقيم او تمشي او تركب عربة نقل.
وهذه الايام تتعاظم المخاوف والقلق والاحساس بقادم الايام.. بل يتعاظم الشعور بدنو الأجل.. هو احساس ينتاب العامة بعد الانهاك الكبير الذي وصل اليه ابناء شعبنا في قطاع غزة.. وبعد احساسهم بان من يتولى امورهم ويفترض ان يواجهوا الواقع لتخليصهم من هذه المقتلة وتوحش الحياة لا يتحلون بالحدود الدنيا من الحرص والمسؤولية.
الناس الغلابا لا يجدوا ضالتهم الا برفع الاكف للسماء التي لم تسعفهم حتى الآن، ويحمدون الرب على كل شيء على امل ان يرعاهم برحمته التي تأخر قطارها وربما بات عالقا في احدى المحطات.. ومع ذلك هم لم يفقدوا الامل.
أصبح جل الاهتمام كيف تنقذ اسرتك من انياب وحش الموت وافتراسه الذي لا يرحم أحد.. بل أصبح تحقيق ذلك انجاز كبير إذا قدر لك ان تنجو بنفسك واطفالك وأسرتك من براثن هذه المجزرة.. هو هدف كبير وربما لن تقوى على تحقيقه، فكيف سيكون حجمه وانت عينك على من حولك من رفاق وأصدقاء واقارب وأبناء شعب.
أحيانا ما يشعرك بالرضى رغم العجز في العديد من الاحيان، هو أنك تقوم بكل ما في وسعك وضمن الامكانيات المتاحة.. لكن في نهاية النهايات نحن بشر نحاول ان نوسع بيكار تحملنا لهذه القسوة المتصاعدة والمتجددة لكن هناك حدود، فقدرتنا على التحمل غير مطلقة.. لقد خلقنا بشر ولسنا آلهة.
مع كل ذلك لن نفقد الأمل ولا الارادة.. ليس لأننا ابطال.. بل لأنه ليس امامنا غير ذلك.. وبديل هذا هو الاحباط واليأس والانزواء، ونحن لم نخلق لذلك ولن تفيدنا الاستكانة لهذا الواقع المأساوي.. الاستسلام لهذه القسوة والتوحش والألم يعني الموت المحقق روحيا وجسديا.
سنبقى ننشد الحياة رغم دروبها الموحشة.. وسنسعى بكل ما نملك لاختطاف الحياة لأجلنا واجل اطفالنا وابناء شعبنا من بين الانياب الزرقاء الى ان ننفذ بقوة الايمان والامل والارادة الى مساحات الاستقرار والفرح والامل برغم الجراح التي أثخنت اجسادنا وارواحنا.
* عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
غزة
22/5/2025