في هيكل دولتنا العراقية المنخور حتى النخاع غدت تنشأ ادران سرطانية مميتة، من أبرزها جائحة السلاح المنفلت. ننطقها كما يجري تداول هذه الكلمة ؟، وليس مفهوماً ان تبقى منفلتة هي الاخرى من دون تصويب . وما نعنيه هو التعبير الكاشف عن حقيقة جرائم ترتكب بشكل منظم ومستتر تحت عنوان ( الطرف الثالث او السلاح المنفلت ) الا يعني ذلك هروباً عن كشف المصادر والمراجع وكذلك المقاصد الباعثة لهذا النمط من الارهاب ؟ .

ولا نريد هنا ان نتمنطق لغوياً عن كلمة " السلاح المنفلت " وانما حول عدم دقة اطلاقها على نحو يقترب من المثل القائل " ابعد عن الشر وغني له " الامر الذي لا يجني أحد منها شيئاً سوى مزيدا من التمويه عن المصدر الحقيقي للفعل الاجرامي.. حقيقة الامر، لا يوجد سلاح منفلت بل يوجد مسلح منفلت. وحتى هذا التوصيف يحفه الشك في كونه منفلت لان المجرم عنصر التنفيذ لا يعرف الضحية قبل وقوعها على يده،  وليس لديه ثأر معها انما استدعي من قبل مكلفه، الذي امر بالقيام في هذا الفعل الاجرامي الشنيع. اذاً ليس منفلتاً بل موجهاً . ولكن ما يسبغ عليه صفته الشائعة، كونه فالت من العقاب وله صاحب متنفذ مقتدر يحميه.

الى هذا الحد وجهتنا قد اختلفت، وصار لنا الحق ان نتساءل عن الذي حاول اغتيال الرفيق (فخري كريم) رجل الثقافة والمعروف في هذا الميدان، وهو لاعب في هذه الساحة جاءته رصاصات الغدر، ومن المؤكد ان الذي أطلقها لم يلتق به مسبقاً ولم يسمع عنه شيئاً الا قبيل استلام أمر تنفيذ عملية الاغتيال بقليل. ودون ريب يعمل هؤلاء المأجورون بلا تعليل لتفسير الفعل او الى مزيد من الايضاح. بل يتم الاكتفاء بمجرد ان يوصف الشخص المستهدف بالعميل او بالمضاد او بالزنديق او بالتشريني، او ضد منهجهم السياسي او بكل هذه التهم مجتمعة، وربما تم التدليل باقرب منجز ثقافي استفزهم، هو معرض الكتاب الذي اشرف على اقامته الرفيق " فخري كريم " مما لا يرتضيه بل يهز فرائص اسياد المجرم لكون معرض لكتاب العلم والتنوير، بمعنى انه احد اهم عوامل الثقافة القاتلة للجهل وللظلامية التي تعد فضاءً مناسباً للفساد و للجريمة المنظمة.

وعودة على بدء. لسنا مدافعين عن الرفيق فخري كريم فحسب، انما نحاول ان نسهم مع الضميرالجمعي لجماهيرشعبنا الذي يرفض ويدين عمليات الاغتيال السياسي وحتى غيرها، التي سادت وتكرست في الايام الاخيرة، متناغمة مع اعمال الخطف واغتصاب املاك الناس والسطو المسلح و مختلف مظاهر الفساد الضاربة اطنابها في عراقنا منذ اسقاط ثورة الربع عشر من تموز 1958. وهنا فاقتضى السؤال عن واجب (الادعاء العام) الذي ما عاد يشبع الناس قناعة بتحركه الملزم المناسب، باعتباره ضامنا لحماية ارواح وحقوق العراقيين عبرالتصدي لهذه الاعمال المخالفة للقانون بصورة صارخة، التي اخذ وجعها يجعل العراقيين كاظمين الغيظ الذي لا يمكن ان يدوم. كم من اغتيالات تمت وكم من جرائم حصلت ولم نشهد ان قدم احد القتلة من قطيع الذئاب الضارية الذي اطلق عليه الطرف الثالث والسلاح المنفلت. انما سجلت كلها ضد مجهول .

عرض مقالات: