مقدمة:

اليوم وبعد ان مررنا بحرب مع داعش داخل المدن وبجانحة كرونا نجد فضاءات مدننا السالبة (محيط المبني) والموجبة (نفس المبنى) واهنة غير قادره على ايجاد الفضاء الدفاعي الذي يوفر الأمان من الحروب والسرقات والامراض الصحية والاجتماعية رغم ان الأمان يعتبر اهم عنصر في حياة الانسان.

كان مفهوم الفضاء الدفاعي واعتماد شروطه المفهوم الذي غمر العمارة بالستينات ونحن طلاب، لم يعد هذا المفهوم مهم الان لدى المعمارين الجدد وذلك لعدم تدريس المادة في العمارة والبحوث وكذلك عدم وجود قواعد وطنيه ملزمه مع اجازات البناء مما سبب انهيارات المباني والحرائق وحكم (الشقاوات) والعصابات والميلشيات المنفلتة في احياء العراق.

الفضاء الدفاعي: نعرض هنا الايجاز التالي عن الفضاء الدفاعي واهميته. حيث تشمل نظرية الفضاء الذي يمكن الدفاع عنه توجيهات أساسية للمهندس المعماري ومخطط المدن أعدها أوسكار نيومان وهي أفكارًا حول منع الجريمة وسلامة الأحياء. 

يرى نيومان بأن التصميم المعماري والبيئي يلعب دورًا حاسمًا في زيادة أو الحد من الإجرام. تطورت النظرية في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وكتب كتابه الأول عن هذا الموضوع (الفضاء الدفاعي) في عام 1972. يحتوي الكتاب على دراسة عن مدينة نيويورك أشارت إلى أن معدل الجريمة الأعلى كان موجودًا في المباني السكنية الشاهقة أكثر من المباني السكنية المنخفضة. وخلص إلى أن هذا يرجع إلى أن السكان لم يشعروا بأي سيطرة أو مسؤولية شخصية عن مناطق سكناهم طوال دراسته، ركز نيومان على شرح أفكاره حول التحكم الاجتماعي، ومنع الجريمة، والصحة العامة المرتبطة بتخطيط المدن ومبادي تنظيم المجتمع.

 الجانب النظري: كما هو محدد في كتاب (المبادئ التوجيهية لتصميم الفضاء) حدد نيومان معاير لخلق مساحة يمكن الدفاع عنها، فإن المساحة التي يمكن الدفاع عنها هي "بيئة سكنية تعمل خصائصها المادية - تخطيط المبنى وخطة الموقع - للسماح للسكان بأن يصبحوا شركاء أساسيين في ضمان أمنهم". لتوضيح ذلك أن منطقة السكن لا يمكن الدفاع عنه إلا إذا كان السكان يعتزمون القيام بهذا الدور، والذي يحدده التصميم الجيد: "المساحة الدفاعية هي ظاهرة اجتماعية فيزيائية"، كما يقول نيومان. يعتبر كل من المجتمع والعناصر المادية جزءًا من مساحة يمكن الدفاع عنها بنجاح. 

تعرض النظرية لفكرة بأن المنطقة أكثر أمانًا عندما يشعر الناس بإحساس بالملكية والمسؤولية تجاه تلك القطعة من الوطن والمجتمع. ويؤكد نيومان أن "المجرم معزول بسبب موارد العيش " عندما تكون كل منطقة في منطقة مملوكة ويعتني بها طرف مسؤول. إذا لا وجود للدخيل والشعور بمجتمع حذر، لذا يشعر بأمان أقل في ارتكاب جريمته. والفكرة هي أنه يمكن السيطرة على الجريمة والجنوح والتخفيف منهما من خلال التصميم البيئي الذي فصله بإسهاب عبر شروط تصميميه وتوصيات تخطيطية ومعمارية وحددها بخمس عوامل توفر مساحة يمكن الدفاع عنها.

الهدف: الغرض من الميزات المادية في التصاميم المعمارية والتخطيطية هو خلق شعور بالمحلية بين أعضاء المجتمع ضمن بيئة معيشية آمنة لأولئك الذين يهتمون بها من الشاغلين الاساسين وليس الطارئين او المستحلين (الحواسم ) .

 تعمل المساحة القابلة للدفاع مع التسلسل الهرمي للمساحات المعيشية والمجتمعية. ووفقًا للنظرية، فإن التطورات السكنية التي لا تثير الإقليمية او الاثنية او الطائفية هي "أقوى رادع للنشاط الإجرامي والتخريبي". ينبغي تجميع السكن بطريقة تجعل الشاغلين يشعرون بفائدة متبادلة. أيضًا لردع الجريمة، يجب تحديد المناطق وفق وظيفتها المحددة دون تداخل في وظائف الفضاءات، ويجب تحديد المسارات للحركة، كما من الضروري أن تقترن المناطق الخارجية بتماس مباشر بالمنازل دون عوائق بصريه، ويجب أن توفر المساحات الداخلية بصريًا مراقبة قريبة للمناطق الخارجية.

يرى نيومان أنه من خلال التصميم الجيد، يجب ألا يشعر الناس بالراحة فقط بل التساؤل عما يحدث في محيطهم، ويجب أن يشعروا الساكنين بأنهم ملزمون بالأمن العام. يجب أن يكون أي متسلل غير قادر على الشعور بالتصرف الحر وذك بوجود مجتمع حذر وتجنب الموقف الاجرامي تمامًا. يخشى المجرمون من احتمال أن يتساءل المقيم عن مبررات وجودهم في المنطقة، عند عرض التطفل، عن أفعالهم. هذا فعال للغاية في الأحياء التي لا تستطيع تحمل تكلفة مراقبة الجرائم بمعدات مكلفه ومراقبه دوريه من قبل لشرطة.

تنطبق نظرية الفضاء الدفاعية على أي نوع من الفضاء المخطط. من السكن منخفض الكثافة وايضا الارتفاعات العالية، المفتاح هو تطوير منطقة مشتركة يمكن للسكان من خلالها "توسيع نطاق منازلهم ومنطقة المسؤولية المحسوسة". تعد مسارات الحي والدخول المشترك من الجوانب الهامة للتصميم الذي يمكن الدفاع عنه أيضًا. يجب أن يشعر السكان أيضًا بالحاجة إلى توسيع إدارة مواقفهم الوقائية إلى مواقع ترتبط فيها الممتلكات والشوارع الحضرية والمناطق المحيطة مع بعض وكذلك. يجب حماية الترابط بين الملكية الخاصة وفعاليات المجتمع بالمثل.

عزم نيومان على إنشاء مبادئ الفضاء القابل للدفاع من خلال إعطاء سكان المجتمع المحلي السيطرة على الأماكن العامة التي قد يتصورها البعض أنها بعيدة المنال. في الواقع، يهتم السكان بما فيه الكفاية لمنطقتهم لحمايتها من الجريمة لأنهم يحمون ممتلكاتهم الخاصة.

مبادئ الفضاء الدفاعي: - مبادئ أوسكار نيومان الخمسة الأساسية لتصميم الفضاء القابل للدفاع كما هو مقتبس في إرشادات (التصميم لإنشاء مساحة يمكن الدفاع عنها) هو تخصيص مختلف المجموعات المؤسسة لبيئات محددة يمكنهم استخدامها والتحكم بها على النحو التالي: -

1.تخصص الفضاءات للفعاليات التي تحدده أعمار الشاغلين، وأنماط حياتهم، والمعطيات الجغرافية للمساحة المتطورة لأجل السكن ليعكس منطقة نفوذ سكان معينين. وبذلك يمكن تقسم البيئات السكنية إلى مناطق يمكن للمقيمين فيها بسهولة التعرف على الفوارق بين الملكية الخاصة والعامة وخصوصا في طرق السابلة. 

  2.تجاور المسكن الداخلي مع المساحات الخارجية ووضع النوافذ للسماح للسكان بالنظر والقيام بالمسح الطبيعي للمناطق العامة الداخلية والخارجية لبيئات معيشتهم والمناطق المخصصة لاستخدامهم

  1. تجاور المساكن مقترباتها ووسائل الراحة فيها مع شوارع المدينة من أجل دمج الشوارع مع مجال تأثير البيئة السكنية. 

4.اعتماد أشكال البناء والتعابير التي تتجنب وصمة الخصوصية المفرطة التي تسمح للآخرين بإدراك ضعف وعزل مجموعة معينة من السكان. 

  1. انشاء فضاء يمكن الدفاع عنه، وذلك من خلال تقسيم المناطق السكنية إلى كيانات أصغر من عائلات متشابهة ولأجل تعزيز السيطرة. يتم فرض المسؤولية عن المنطقة بسهولة أكبر في مجموعة أصغر من العائلات على عكس المجتمع الأكبر. تستخدم المجموعات الصغيرة بشكل متكرر لأجل تحديد هرميات المسؤولية. وبذلك يتم زيادة عدد الأنشطة في الفضاء. وبالتالي، فإن الشعور بالملكية يعزز الحميمية والحاجة إلى حماية الملكية يتبع ذلك. من ناحية أخرى، تستخدم مجموعات أكثر لمساحة الفضاء الاجتماعي، لأجل ان لا أحد يسيطر على المنطقة، وكثيرا ما كان يمكن يكون الاتفاق على استخداماتها المقبولة محل نزاع.

أنواع المساكن: -في كتاب نيومان لعام 1980، (مجتمع المصالح)، قدم أنواع السكن الموصى بها لأنواع الأسرة المختلفة. وأوصى العائلات التي لديها أطفال بالعيش في منازل عائلة واحدة وشقق صغيرة. ومع ذلك فإن المباني متوسطة الارتفاع مناسبة للعائلة الصغيرة. وأوصى كبار السن بالعيش في مبان متوسطة الارتفاع ومرتفعة مع حراسة بواب، وأحيانًا ما تكون هذه المباني بدون بواب مما يشكل خطر لضعف إمكانية كبار السن بالدفاع عن أنفسهم. أخيرًا، يُنصح بشدة للمباني الشاهقة والمرتفعة بتامين نظام حراسة متطور ومتكامل.

الاستنتاج والتوصيات: - دخل العراق الان عالم الإسكان متعدد الطوابق والكثافة السكانية العالية إضافة الى الازقه الشعبية التي تعاني من عدم الأمان نرى ومن الضروري اعتماد الفضاء الدفاعي في التصميم وقواعد البناء وتثقيف المعمارين وطلبة الكليات المعمارية بذلك. 

عرض مقالات: