تم اختطاف وتطويق ما سميت بالعملية الانتخابية بمناخ سياسي قطبي جامد بحاجة الى كاسحة جليد اذا ما ارادت جهة غير متنفذة شق طريق لها، بغية الوصول الى غاياتها السياسية والديمقراطية وارساء حكم العدالة المدني..سيما وان السبل قد قطعت وتكاد تخلو من حراك الشارع بحكم تنصل البعض عنه .. فمن الطبيعي بمثل هكذا مواسم سياسية وحلة قارصة يصبح الترجل المجرد دون دروع واقية من الصقيع السياسي المسلح، مراهنة على حصان خاسر، اذا لم نقل حماقة غير محزورة العواقب. حيث تبدو اية جهة خائضة في المعترك دون التسلح بقواها المحركة ووحدة قواها القائدة، شبيهة بالتي تحصد الهواء.
وهنا تدعونا الحالة الرهنة الى مزيد من الثورية المدركة، ومزيداً من التبحر في قراءة اللوحة السياسية والاجتماعية، واهم صفاحتها الأمنية، لكي نتلمس بدراية محسوبة لمواطئ خطانا، التي ينبغي ان نحذر من الارتخاء كي لا ولم ولن تكون خارج طريق شعبنا المكافح نحو التغيير الشامل. بمعنى ان لا نقول نحن مع شعبنا ولكن خطوتنا لوحدنا. هذه الكلمات الاخيرة الآنفة تدفع لتشخيص الاهداف المدنية الديمقراطية بجرءة عالية لا تقبل التردد، واختيارالبوصلة التي من خلالها تحديد الابعاد وانتقاء الوسائل الجديرة بالوصول الى موانئ الحرية والعيش الأمن الكريم..
فهل المطلوب هو تماسك قوى التغيير، ام علمية ووطنية و عدالة البرنامج، الذي يتلاءم مع حاجة اوسع الناس ومصالح الوطن، ام هو ضرورة نقاء البصيرة السياسية. ولا ننسى ارتقاء توازن القوى في الشارع لصالح التغيير، ام كلها مجتمعة ؟؟. و بذلك نصل الى المنعطف الحاد الذي يتطلب الرؤية المدركة لاولوية رفع مناسيب توازن القوى والعوامل الفاعلة فيه، كل ما تقدم لاجل تامين الحصانة للعملية الانتخابية ولضمان نتائجها لكونها مصابة بانعدام المناعة. ان هذا هو باب القلعة فهل نلجأ الى الاستعانة بـ "حصان طروادة " اوقوة "سبارتيكوس " قائد العبيد لتهديم القلعة ام لقوة الامام (( علي ابن ابي طالب )) لخلع باب خيبر لقلعة المحاصصة ؟؟.
لا تتوفر وسيلة راهناً للتغير المنشود غير العملية الانتخابية. عند هذه العتبة يتجلى الانقسام باوضح صوره حيال المشاركة فيها ام مقاطعتها..فلمن الغلبة في هذا الميدان ؟ . إن واقعية الموقف الذي يدعو لخوض الانتخابات بشرط توفر مستلزماتها العادلة. اكيد ليس بقانون " سانت ليكو " المعدل 7 . 1 وليست القائمة المغلقة، وليس بانفلات سحت المال السياسي، وليس من دون اشراف دولي، وليس بمفوضية تابعة لاحزاب السلطة، وليس بعدم تطبيق قانون الاحزاب، بمعنى حرمان الاحزاب ذات الاجنحة المسلحة من المشاركة في الانتخابات، لان هذه الاحزاب تهدد نزاهتها وعدالتها بالسلاح والتزوير، وليس بمشاركة اقل من ثلث المقترعين، وليس بمشاركة القوات المسلحة عموماً اعتماداً على كونها فوق الميول والاتجاهات. علماً أنها الآن تحت سيطرة احزاب السلطة، واصواتها مصادرة سلفاً.
أما المقاطعة لا شك ان كل ماتقدم يجعلها مبررة.. مع الحذر من كونها في ذات الوقت تدلو بدلوها في تبليط الارضية للهيمنة الشاملة لصالح قوى المحاصصة، ولا يهم هذه القلة القابضة على سلطة الحكم، اذا ما اكتسبت نتائج الانتخابات الشرعية القانونية ام لم تكتسب. متعكزين على فوز مرشحيهم الذين لم يعيقهم منافس بفضل مقاطعة ثمانين بالمئة من الذين يحق لهم الاقتراع .. وقبله التخلي الكبير عن المشاركة للتيار الصدري الذي قسم ظهر العملية السياسية بقوة شديدة لم يتوقعها احد، كونه كان المنافس الاشد والاقوى. اذن ما هو الحل ؟ . الحل الاجدى والامثل والاعدل هو الغاء انتخابات مجالس المحافطات والتوجه الى انتخابات مبكرة مع تعديل القانون بالغاء " سانت ليكو "، وتوفير مستلزماتها المذكورة اعلاه.