تبدو الميزانية العراقية ترقص بل ترفس رفسة الطير المذبوح، الذي لا ينتظره بعد ذلك سوى الموت المؤزر. لقد جعل اللاعبون بمقدرات حاملة خبز العراقيين وافاق حيواتهم ( الموازنة ) وسيلة لالهاء الناس وجعلهم اسيري حالة الترقب غير المنظورة افاقه، بغية ابعاد انظارهم ومسامعهم، عما يجري خلف الحيطان ولا نقول خلف الكواليس. لكونها جدرانا تبنى لغايات جلها وجليلها طمس ما يدبر لجعل البلد في خبر كان.

غالباً ما نسمع قولاً " الكتاب باين من عنوانه " وعادة ما يردد بتكهن حول حالة تداع او خراب قد توفرت عوامل حدوثها. ولم تحظ بتدارك يذكر من قبل المعنيين. ان الغائب المطلوب هو نقطة النظام، التي لم ترفع ازاء انعدام عدالة في التوزيع رغم غزارة الاموال المخصصة في الموازنة، التي لم تسد نهم الجشعين كما هو حاصل. الامر الذي جعلهم يضعون اموالاً وهمية لنفخ حصصهم مما ادى الى خلق ثغرة خطيرة في الكتلة المالية المخصصة ( 197 ) ترليون دينار لموازنة 2023 المكتوب لها ان تستنسخ الى ثلاث سنوات وسميت بـ " العجز". وما حصل من اعتراضات التي صدرت من بعض النواب قد تمحور حول جزء من حقوق الشعب الكردي. بصرف النظر عن التفاصيل.

غير ان المفارقة التي قد شكلت طعنة نجلاء في جبين معشر المتحاصصين ومفرهدي المال العام جميعاً من دون استثناء، واسقطت عنهم اخر ورقة كانت تموه مفاسدهم المتكالبة. حيث تمثلت بالابهام الذي احاط بالتخصيصات المالية الضخمة، الذي ظهر مجرداً حتى من عناوين منطقية  تستره. علماً ان الاموال المذكورة لم تشكل امامها مقادير الاموال المعترض عليها مع اقليم كردستان سوى نسبة ضئلة جداً. هذا وناهيك عن فقدان العدالة الدستورية في توزيع حاصل المال العام، وعلمية ووطنية التوجه التنموى الاقتصادي و البشري. لكنها وللاسف قد نحت نحو التنمية  العسكرية خارج ضرورتها المطلوبة في الوقت الراهن. ولا يفوتنا ان نذكر ايضاً، استمرار الامعان في التوظيف غير الانتاجي الارضائي، الذي يكرس انهاك قطاعات الصناعة والزراعة والتعليم وغيرها، التي لم تحظ سوى بقدر يكاد يكون معدوماً. بالرغم من انها في انفاسها الاخيرة.

لقد وجدت " الموازنة " كما يبدو خير وسيلة جاذبة للاهتمام غير الواعي طبعاً، لكونها الاكثر ارتباطاً بمعيشة الناس اليومية. ان هذه الميزة التي تجلت في ما ساد من جدل حولها، قد اضافت لدى ابناء شعبنا العراقي عموماً والمحرومين الذين يشكلون الاغلبية بصورة خاصة وعياً من شأنه ان يفعّل حالة التصدي لسياسة ابتلاع الدولة. مما يسمح بالقول : لقد انقلب السحر على الساحر .. فالى متى تبقى " الموازنة " ترقص على اشلاء التنمية والتقدم وسعادة العراقيين رقصة الطير المذبوح حينما يرفس اخر رفساته وبعدها يموت ؟؟.. لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى.. سؤال مطروح لجميع المدافعين عن سعادة الشعب وتحرر الوطن من مغتصبي  شأنه.. ؟؟

عرض مقالات: