من المعروف ان اية طريق مثل ما لها بداية لها نهاية. هذا حينما تكون معبدة على الارض مباشرة. غير ان الطريق المعلقة تكون نهايتها مبهمة لكونها تجعل من يسير فيها يكون غير قادر على رؤية مجسمات محيطه بوضوح تام وحيئذ تغدو احكامه مائلة الى التجريبية القصيرة الابعاد. هذه كما يبدو حال السيد السوداني رئس مجلس الوزراء. الذي نجده حريصاً على استخدام العلاجات الوقائية. منطلقاً من مفهوم غير حاسم يُشك في فعله العلاجي وهو( الوقاية اهم من العلاج ) وهنا تتضح مقاصده الشخصية لحد ما، المتمثلة قطعاً بضمان بقائه على راس السلطة. بيد ان علم الطب يؤكد بان الامراض الخبيثة والخطيرة ينبغي الاقدام على اجتثاثها وليس اعتماداً على العلاجات الوقائية والمسكنات التي غالباً ما تخلف الادمان.
لدينا سؤال ربما يكون بعيار صديق.. الا يعلم السيد رئيس اين وصلت ثمار عمله بعد ستة اشهر حيال اخطر علة قاتلة في البلد المتمثلة بالفساد الشامل ؟ . واين هو من المحاصصة التي تمثل تقاسم اموال الشعب العراقي بصورة سافرة. واين هو من اباحة سيادة البلد بعد الغاء " الفيزة " مع الجارة ايران التي كشفت نوايا مفادها منح الجنسية العراقية لكل من مضى عليه سنة واحدة مقيماً في البلد ؟ واين هو من الجموع المتظاهرة المتسعة (جلهم يعملون بالمجان لسنين طوال وهم اصحاب شهادات عليا ) طلباً لفرص التوظيف بغية العيش الكريم، واين من نهب عقارات الدولة، واين فعله من تزايد سوء الخدمات عامة، وما هو موقفه من حرية التعبير والتظاهر التي يلوّح لها بـ" الكلبجة " وربما بحبل المشنقة.
عسانا في ذلك ننبه بان الدخول في هذه الطريق ليس كما يظن المتنفذون.. حيث لسان حالهم يقول: طالما السلطة باليد فالنجاة متوفرة باية طريق حتى وان كان درب" الصد ما رد " طريق التورط غير الواع والذي يحسب عند العقلاء بمثابة " منقلة نار" وقودها من القش.. صحيح انها توفر بعضاً من الدفئ في البيوت الفقيرة ولكنها تقضي على الاوكسجين بفعل كثافة دخانها الذي يجبر العيون ان تفرغ ما تبقى لديها من دموع .. اذن متى تتوفر ابسط مستلزمات الحياة اليومية للناس، في ظل سياسة " الوقاية المجردة ".. سيما وان ثمة فئات كانت مسحوقة باتت اليوم " ملتي ملياردير" اي انها غدت في الصف الاول من مساطر اثرياء العالم . من خلال اموال العراق المسروقة. الامر الذي يلفت الانتباه الى منطق صراع الاضداد الذي يتوقع خوض مثل هذا التناحر الطبقي الحاد، بين قلة اغتنت وتجبرت وارتفع مقدار ثروتها، واغلبية افقرت فاحتقنت وتضخم منسوب ثوريتها. فشتان مابين ارتفاع الثروات من السحت الحرام لدى القلة، وبين ارتفاع الثورية لدى اوسع الناس لابد من ان تطرح اسئلة على السيد رئيس الوزراء بالمعنى التالي: فهل هو مدرك لما يدور حوله دون قرارات رسمية، وهو الاول صاحب القرار؟؟، وهو الاول المفترض الذي يُحاسب قبل غيره من المسؤولين جراء مجريات او نهايات طريقه المعلقة ؟، التي يمشي عليها بقدم الوقاية وليس بقدم العلاج الجذري.
يبدو ان السيد السوداني رئيس مجلس الوزراء ما زال محتفظاً ببعض من جيناته البدوية العربية الطيبة، التي تجعله يرى كل الناس مثله ويظنهم اهلاً بطرح الثقة المطلقة بهم، وبفعل ذلك يعلم او يغض النظر عن مفاعيل الدولة العميقة، التي نعجز هنا عن تعداد موبقاتها الشنيعة المعروفة لدى المواطنين. اما الذي يقوم به مقام الرئيس من عمل وقائي لا يساوي سوى" شروى نقير " ولا يداوي جرحاً من جراح العراق النازفة ابداً ... فهل يعلم نتمنى له ذلك.