في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في 10 نيسان، جاء ما يلي: "الصحافة ليست جريمة". وغردت وزيرة الخارجية الالمانية أنالينا بربوك على تويتر: "يجب ألا يصبح الصحفيون لعبة المناورات السياسية الغادرة". وأوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، "قلقه الشديد بشأن الاعتقال غير المقبول" للصحفيين وقمع وسائل الإعلام المستقلة.

وفي مكالمة هاتفية، حث رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والرئيس الأمريكي جو بايدن على إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين بتهمة التجسس. وحتى الحكومة البريطانية انضمت إلى الدعوة إلى الحرية للصحفيين.

في 11 نيسان مرت 4 سنوات على اعتقال الصحفي الأسترالي جوليان أسانج من قبل الشرطة البريطانية في سفارة الإكوادور في لندن. ومنذ ذلك الحين، لم ير أسانج سوى جدران زنزانة صغيرة في سجن بلمارش شديد الحراسة، المعروف باسم غوانتانامو البريطاني. وهو محتجز هناك في حبس انفرادي دون إدانة. ولم يتم في المملكة المتحدة، توجيه تهمة اليه أيضًا. وهو محتجز في سجن الترحيلات، بسبب مطالبة الولايات المتحدة بتسليمه، لأنها تتهمه بالتجسس. وإذا سُلم أسانج وإدين، فإنه يواجه عقوبة بالسجن تصل الى 175 عامًا، بتهمة "الخيانة" لفضحه جرائم حرب أمريكية، وعمليات تعذيب مارستها وكالة المخابرات المركزية الامريكية.

في شباط 2020 وآبار 2022، عارض المجلس الأوروبي تسليم مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة. واعتبر الطريقة التي يتم التعامل بها معه واحدة من "أكبر التهديدات لحرية الصحافة". وأضاف، سيكون لتسليمه "آثار على حقوق الإنسان تتجاوز هذه الحالة الفردية".

ولم تصدر محاكم لندن المعنية حكمًا بشأن تأييد استئناف تسليمه إلى الولايات المتحدة، الذي قدمه محامي الدفاع رسميًا بمشاركة نشطة من زوجته المحامية ستيلا موريس. ويُخشى أن يعتمد القضاء البريطاني على أن يُنسى أسانج في السجن ويموت جسديًا وعقليًا هناك. وقالت زوجته ستيلا موريس بعد زيارته اخيرا: "إن وضعه يزداد سوءاً. إنه يناضل من أجل البقاء".

في 4 نيسان، كان من المقرر منح منظمة مراسلون بلا حدود، لأول مرة، فرصة زيارة أسانج في سجن بلمارش. لقد انجز كل شيء، وتمت الموافقة على القيام بالزيارة. وفي اللحظة الأخيرة، مُنع السكرتير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، كريستوف ديلوار، ومديرة الحملات فيها ريبيكا فينسينت من دخول السجن، لأسباب غير مقبولة، لكونهما صحفيان".

ويرى أنصار أسانج أن هذا أمر تعسفي. لقد شرحت ريبيكا فينسنت مرة أخرى سبب وقوف منظمتها الى جانب أسانج: " قدم جوليان أسانج مساهمة كبيرة لخدمة الصحافة. وكان نشر الوثائق السرية لصالح الراي العام ". واضافت فينسنت، إنه لا ينبغي أن يُسجن أحد ليوم واحد بسبب نشره معلومات تخدم المصلحة العامة.

ومن بين المواد التي لن تغفر الولايات المتحدة له نشرها، لقطات فيديو لطائرة هليكوبتر هجومية أمريكية في العراق. قبل 13 عامًا، في 5 أنيسان 2010، نشر مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج مقطع فيديو بعنوان "القتل الجماعي" يظهر قصف وقتل المدنيين العراقيين، بضمنهم صحفيان من رويترز هما سعيد شماغ ونمير نور الدين.

"انظر هناك إلى هؤلاء القتلى الأوغاد!" - "جميلة." هكذا علق طياران أمريكيان لطائرة هليكوبتر أباتشي هجومية على ما يمكن رؤيته من الجو على الأرض بعد هجومهما في 12 تموز 2007: لقد قُتل 12 مواطنا وأصيب طفلان بجروح خطيرة. وحتى يومنا هذا، لم يتعرض طاقم المروحية ولا المسؤولون عنها، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش، إلى المحاسبة بسبب جرائم حرب والحرب غير الشرعية التي شنوها على العراق. اما الصحفي جوليان أسانج الذي فضح هذه والعديد من الجرائم الأخرى، فقد سجن.

لكن انتبه!

لا يهتم أنتوني بلينكين وأنالينا بربوك وجو بايدن وجوستين ترودو والحكومة البريطانية بجوليان أسانج. ويتحدثون عن إيفان غيرشكوفيتش، صحفي يعمل في صحيفة وول ستريت جورنال في روسيا. وكانت المخابرات الروسية قد أعلنت في 30 آذار أن المراسل الأمريكي قد اعتقل في يكاترينبرج، لأنه حاول في يوم سابق. الحصول على معلومات سرية تخص مصنع أسلحة روسي. في حال إدانته، سيواجه عقوبة بالسجن تصل إلى 20 عامًا.

لقد أعرب رؤساء تحرير صحف مختلفة، وهم محقون في هذا، عن استيائهم من اعتقال صحفي الـ وول ستريت جورنال إيفان غيرشكوفيتش في روسيا. وهل يمكن ان يكون للمرء رأي آخر؟ وعليه يمكن ان يتوقع المرء موقفا مماثلا من أسانج.

كل السياسيين الذين فجأة، يعتبرون "الصحافة ليست جريمة" ستكون مصداقيتهم أكبر إذا انضموا إلى البرلمانيين الذين يدافعون في الكونغرس الأمريكي عن حرية أسانج. بمبادرة من عضوة الكونغرس رشيدة طليب، قدموا حملة تواقيع إلى المدعي العام الأمريكي ميريك جارلاند لإسقاط التهم الجنائية الموجه لاسانج والاعتراف بأولوية التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، الذي يحمي حرية المعلومات. وقد وقع الحملة العديد من أعضاء البرلمان التقدميين مثل جمال بومان وإلهان عمر وكوري بوش وألكساندريا أوكاسيو كورتيز ورو خانا وباميلا جايابال، بالإضافة إلى نواب آخرين من الحزب الديمقراطي، وبعض الجمهوريين.

الصحافة ليست جريمة! لا لمزيد من المعايير المزدوجة. لا لمزيد من الصمت والتبرير.

يجب منع القتل الجماعي لجوليان أسانج.

أوقفوا القتل الجماعي

 *- نشرت لأول مرة  في جريدة المدى في 27 نيسان 2023

 

عرض مقالات: