نشرت جريدة "الشيوعي" والتي يصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك في عددها الرابع نيسان - 2023 المقال التالي:

 نزلَ العمال والطلاب الفرنسيون وبشكل جماعي إلى الشوارع للاحتجاج على إصلاحات الحكومة بخصوص التقاعد. ومن ضمن هذه الإصلاحات رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، بالإضافة إلى ذلك إطالة مدة الخدمة للحصول على الراتب التقاعدي الكامل.

  إنه هجوم مباشر على حقوق الطبقة العاملة التي ناضلت بشق الأنفس للحصول على هذه المكاسب. بهذه الإجراءات تقف الحكومة الفرنسية إلى جانب رأس المال وتُضمن زيادة استغلال الطبقة العاملة وتقويض الحقوق الجماعية، لكن بعد هذه الصفعة على خد اليمين لم يكن لدى الفرنسيين أية نية لكي يديروا خدهم الأيسر للحكومة، لذلك اندلعت في الأسابيع الأخيرة إحتجاجات ومظاهرات وإضرابات كبيرة في جميع أنحاء فرنسا.

  في 19 كانون الثاني الماضي، دعت جميع النقابات العمالية الكبرى في فرنسا إلى إضراب عام. ووفقاً للكونفدرالية العامة للشغل CGT (*)، خرج مليونا شخص إلى الشوارع للإعراب عن عدم رضاهم عن إصلاح نظام التقاعد، وتوقفت حركة القطارات والطائرات والحافلات، وأُغلقتْ المدارس والبنوك والمسارح وغيرها من المؤسسات.

  وفقاً لصحيفة اللومانيتيه الفرنسية فإن 65٪ من السكان يؤيدون الإضرابات والاحتجاجات، وتُشير Ritzau إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن ثُلثي الفرنسيين يعارضون خطط ماكرون لرفع سن التقاعد.

  تَظهرْ المُعارضة الشعبية الهائلة أيضًا من خلال حقيقة مهمة وهي أن المظاهرات والإضرابات أصبحت تتكرّر و ليست حدثاً عابراً لمرة واحدة. في 7 آذار، بدأ الإضراب العام والمظاهرات من جديد. حينها تحركت الحركة النقابية تحت شعار "إغلاق تام"، وفي هذه المرة سُمِعَ هذا الشعار أيضاً من قبل أشخاص ليسوا أعضاءً في النقابات العمالية، وإضافة إلى ذلك نظّم الطلاب ومجموعات شبابية أكثر من 200 إحتجاجاً في المدن الفرنسية وحصارًا لـ 39 جامعة.

 وكما هو معروف يلجأ من هو في السلطة إلى وسائل يائسة في مقاومة من يقف ضد إجراءاتهم التعسفية وضد الظلم ويطالب بحقوقه المشروعة. ففي العديد من الأماكن، كانت هناك معارك بين المتظاهرين والشرطة، استخدمت فيها قوات الشرطة الهراوات ضد المتظاهرين وشنّت الهجوم بخراطيم المياه على نطاق لم نشهده منذ سنوات عديدة.

 إنّ المرءَ يستاء حقاً من حقيقة مُرّة وهي: أنه عندما يَسرق الغني من الذي يملك أقل منه فإنّ هذا يُعد أمراً ضروريًا من قبل السلطات الحاكمة. ولكن عند مٌقاومة أولئك الذين لديهم أقل بكثير من الذين يملكون أكثر، تُوصف مقاومتهم هذه بالعنف.

  ومرّة أخرى عادَ النفاق ليُمارس بكثافة، فقد إختارت حكومة ماكرون تمرير التشريع خارج الجمعية الوطنية، وبالتالي ستدفع بالتشريع دون أن تتمكن من حشد الأغلبية في البرلمان. وحاولت المعارضة التصويت بحجب الثقة عن الحكومة لكن جاءت نتائج التصويت بفارق قليل لصالح الحكومة.

  في الوقت الذي يعاني فيه الفرنسيون من تضخم هائل، فإن الطبقة العاملة مرة أخرى هي التي يتعين عليها دفع فاتورة الغلاء. لكن هذا الأمر قد انتهى، لأن الفرنسيين مُصرّون على مواصلة كفاحهم البطولي، وهم بأمس الحاجة إلى دعمنا الصادق وتضامننا معهم.

  الكفاح مستمر دون هوادة.

 (*) الكونفدرالية العامة للشغل  هي منظمة نقابية فرنسية، ظهرت في مدينة ليموج في 23 سبتمبر 1895. تعتبر الأهم من بين المنظمات النقابية الفرنسية الخمس الموجودة على الساحة.

عرض مقالات: