تمر بعد ايام قليلة الذكرى الستون لانقلاب 8 شباط 1963 الاسود والدموي والذي ذهب ضحيته آلاف الشيوعيين والديمقراطيين تحت التعذيب والرمي بالرصاص اضافة إلى قادة ثورة تموز حيث أعدموا بعد محاكمة، كما سموها، صورية دلّت على الحقد الدفين لهم.

في كل عام أتذكر الساعات والأيام الأولى لهذا الانقلاب الفاشي والذي خططت له المخابرات الامريكية كعادتها ضد الانظمة الوطنية في الدول النامية.

لقد تصرف البعثيون منذ اللحظة الأولى لانقلابهم بهمجية لم تشهدها الساحة السياسية العراقية من قبل حيث حملوا الأسلحة ومشوا في الشوارع كعصابات للبحث عن خصومهم السياسيين من الشيوعيين والديمقراطيين. فتحوا الأندية الرياضية لتكون معتقلات وتمارس فيها كل انواع التعذيب واغتصاب النساء.

في ذلك المشؤوم كنت في الثالث متوسط وصلتي كصديق للحزب، حال سماعنا خبر الانقلاب اتجهت إلى منطقة الزوية فرأيت الرفيق رضا يهتف (الموت او الاستقلال الوطني) وجموع الشيوعيين في المنطقة حوله وأمام مركز شرطة الزوية كرادة داخل. كانت فريال الكيلاني تجوب بسيارتها الفولكس واكن الشوارع لتوزيع الاسلحة وعلامة الشريط الاخضر على ساعدها الأيمن. شريف هاشم كان بعثيا ويبدو ان كان يعلم بالأمر وعنده سلاح فما ان سمع بالخبر حتى انهار واصيب بجلطة في الدماغ توفى على إثرها. بعد يومين اتت قطعان الحرس القومي إلينا مع إطلاق الرصاص في الهواء، دخلوا البيت لم يجدوا ما يريدونه. أحد افراد تلك العصابة كان أهله جيرانا لنا منذ عقود وتربطنا علاقة جيرة وأخوه كان شيوعياً وآخر كان لي زميل في المدرسة وربما كان يسبقني بعام لكنه كان فاشلاً.. اعتقل صديقي ابو صبا لساعات ولصغر سنه أطلقوا سراحه. اعتقل الحرس اثنين من اخوتي وأطلق سراحهم بعد طلب من كادر حزبي لهم (اعتقل بعد انقلاب عبد السلام عليهم وأعلن براءته من الحزب كما الرئيس البكر) حيث كان من ابناء المنطقة، وأصبح فيما بعد سكرتير البكر وقتها لفترة..

كنت مع والدي في طريقي للبصرة في باص (النيرن) وسمعت من مذياع الباص خبر (اعدام) استشهاد سكرتير الحزب سلام عادل ورفاقه، وفي الحقيقة لم يكن اعداما بقدر ما كان استشهادهم الاسطوري تحت التعذيب.

البعثيون عصابة ولم يكونوا شجعان حيث انه في 18 تشرين انقلاب عبد السلام عليهم أصبحوا كالجرذان في تسليم اسلحتهم وذلك بإرسالها مع امهاتهم بسلال التسوق. مستشفى الولادة في الكرادة تحول إلى مقر لهم وعملوا فتحة خلفية للهرب عندما أتت دبابة وأطلقت قذيفة واحدة لا غير فأصبح المكان خاليا تماما حيث هربوا من الفتحة التي كانت في الجدار الخلفي للبناية...

ومنذ ذلك التاريخ لم تنقطع الكوارث على الشعب العراقي ومازالت مستمرة... حروب قتل على الهوية، تهجير وووو.

لكن الأمور لن تستمر كما هي ولكل نظام دموي وفاسد نهاية مخزية وحتمية كما جرت على نظام البعث الفاشي...

 

عرض مقالات: