طموحنا الوصول الى ديمقراطية متقدمة فيها موالاة ومعارضة ، قد لا تكون بمستوى الدول الاسكندنافية ولكن مثل بعض بلدان العالم الثالث كالهند وتركيا . على ان ما لايدرك كله لايترك جله. لذلك يدعم هذا المقال النظرة الايجابية بدلا من العزوف عن الواقع طالما سلمنا بان السياسة هي فن الممكن .

بعد التي واللتيا انبثقت حكومة السوداني من رحم عملية سياسية عانت مرارة الفساد وغياب الخدمات والتخبط في اتخاذ القرارات حتى استطاع بعض صغار النفوس سرقة مليارات الدنانير والدولارات من خزينة الدولة التي أصبحت مشاعا لهواة اللصوصية وهدفا لكل أفاق محتال ومطمعا لكل من هب ودب.

تعهد السوداني رئيس الوزراء المنتخب بمحاسبة الفاسدين و تقديم الخدمات التي افتقدتها البلاد بسبب النهب الممنهج للمال العام وانتشار الشركات الوهمية التي تستحوذ على عقود المشاريع ولا تنفذ منها شيئا وتستغل سوق بيع العملات او مزاد الدولار لتهريب الاموال التي تستولي عليها دون عناء.

بعد مخاض ولادة حكومة السوداني سينكشف الغطاء عن صدق نوايا الحكومة واسلوب عملها وستكون اولى خطواتها دليلا على مسارها القادم فالكتاب كما يقال يعرف من عنوانه.

واولى خطوات مكافحة الفساد واسترداد الثروات المسروقة تبدأ بإعلان قانون:

 من أيـن لك هذا ؟

لاشك سيثبت تطبيق القانون صدقية الحكومة على أن يجري حكم هذا القانون على النفس اولا، أي على وزراء حكومة السوداني ثم يسري على الاخرين و لا يستثني أحدا مهما علا شأنه أو غلا ثمنه !

وجاء طلب بيان الذمة المالية للوزراء خلال اسبوع مبادرة ايجابية توحي بالامل في الحد من التلاعب ونهب المال العام ، نأمل ان تعقبها خطوات أشد حزما .

كما تحدث السيد السوداني قبل تسنمه منصب رئيس الوزراء عن تخفيض رواتب الدرجات الوظيفية العليا  بما فيها رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والتي توفر للميزانية مليارات الدنانير شهريا ، عسى ان يتذكر السيد السوداني وعوده ويسرع في تنفيذها .

أما ملف الخدمات فذلك ما تسكب من أجله العبرات، لذلك نرى ضرورة الاسراع في تأليف لجنة استشارية من كبار المهندسين والاقتصاديين والخبراء لمعالجة مشاريع الخدمات المؤجلة والعمل على انجاز ما يستحق تقديمه على غيره والمباشرة بمشاريع توفير الماء والكهرباء وتحسين الطرق والجسور. ونشير الى ما اعلنه السيد السوداني من توزيع قطع أراضي سكنية، نرى من الافضل الاستفادة من برامج تخطيط المدن و البدء بتنفيذ مشاريع سكنية عملاقة تقوم بها شركات رصينة توفر الجهد والمال ما دامت هناك وفرة في احتياطي العراق الذي يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

ونؤكد على ضرورة الكشف عن قتلة المتظاهرين وفتح ملف تحقيقي بما حدث وإماطة اللثام عن القتلة والمجرمين وتحقيق العدالة وتعويض ذوي الشهداء تعويضا عادلا.

كما ينتظر ملف الانتخابات تشكيل مفوضية مستقلة حقا واعتماد قانون عادل لا يغمط حقوق القوى السياسية والمواطنين وان لا يفصّل على مقاس الاحزاب الكبيرة.

ولا ضرر من التذكير باهمية فتح الابواب أمام التيارات المعارضة لكي تدلوا بدلوها في متابعة عمل الحكومة من أجل ضمان سير العملية السياسية على قدمين بدلا من قدم واحدة تتبع سياسة ( موافق ) التي يرددها لون واحد يمسك بزمام السلطة .

واخيرا لا بد من تحمل القوى السياسية والاحزاب مسؤوليتها في مراقبة أداء الوزراة السودانية ودعم خطواتها الايجابية وكشف سلبياتها وتقويم مسارها من أجل خير الشعب والوطن.

عرض مقالات: