1 ـ كانت وما زالت وسيلة العبور الى ضفة التغيير الديقراطي المتاحة هو جسر الانتخابات.. على ان يكون سليم الهياكل وسالك الممرات اي يخلو من مرابطة السلاح المنفلت، ومازاد سحت المال السياسي غير النظيف، كما لايختلف اثنان حول ضرورة توفر العدالة الانتخابية المتمثلة بقانون الاقتراع المناسب للجميع. فهل هذا ممكناً في ظل تكريس هيمنة الفشل والفساد من جديد ؟. صحيح ان مطاولة حراك شارع التظاهر على النمط التشريني من شأنه ان يزحزح وتد خيمة التسلط ، الا ان ذلك ليس كفيلاً بمفرده ان يطوّح بهذه الخيمة المحروسة البعيدة عن هموم الشعب العراقي.
2 ـ لقد عرّف مطلب الانتخابات المبكرة حينما رفعته قوى التغيير، وتبنته اننتفاضة تشرين 2019 بل وفرضته، وكان له الفعل الملموس في حينه، رغم التصدي الشرس من قبل اعداء الديمقراطية الذين تفننوا في القمع الدموي والدسائس المحاكة سلفاً لاجهاض انجازات الانتفاضة . وهنا صحت المقولة بان ثمار الثورات لم تكتمل في انتصارها الاولي، وانما بحسن الحفاظ عليها واستمرارها..ان ما نراه اليوم مجسداً بحصيلة تراجع ناطق صارخ لائم . لا يوصف بأقل من طعن لكبد الانتفاضة التشرينية التي لم يبق منها سوى رماد مواقدها مع شيئ من الاستثناء.
3 ـ عفواً لم يتولانا ادنى شك بوجود جمر ملتهب قابل للاشتعال تحت هذا الرماد، غير ان ذلك وبخاصة اذا ما ظلت الاوضاع على هذه الحال سوف لن يتحول الى شرار لشعلة ثورة التغيير.. لا سيما باستمرار المطالبة بالانتخابات المبكرة بوهم شديد وعلى امل { طريقة طبخ الحصا } والظن بان الخاسرين الرابحين سوف يستجيبون ويقدمون على حل برلمانهم والتفريط بكنوزهم التي جرى الاستحواذ عليها باحابلهم اللعينة، كما تزيدنا تشاؤماً مفاعيل غرائب هذا الزمن الرديء، حيث تم اعطاء بيدر حصاد نضال الجماهير الثائرة " منحة " على طبق من ذهب الى الخاسرين !! . لكن اذا ما تمت هذه المعادلة المقلوبة من قبل " الزاهدين " فالمنطق يؤكد ان ذلك سوف لن يحدث من قبل الشرهين الذين لم تشبع نفوسهم الا بتراب القبر. وعليه يصبح السعي الى انتخابات مبكرة نزيهة في هذا المناخ السياسي العكر، شبيهة بالذي يترجى من الحديد لبن عبارة ،و لهاث يقطع الانفاس وراء سراب ليس الا.
4 ـ ان من يراهن على الانتخابات المبكرة كمخرج للازمة الحالية في ظل حكومة الاطاريين فهو اكثر من واهم. لكون التجربة القريبة الماضية اي اجراء انتخابات مبكرة قد اوصلتنا نتائجها في مطافها الاخير، الى خسارة حتى الشيء اليسير الذي حققته انتفاضة تشرين الباسلة.. وليس هذا فحسب انما قد صنعت معادلة غريبة مقرفة تمثلت بوضع الفائز بمكان الخاسر والعكس صحيح، وهو بمثابة وأدٍ للديمقراطية وكفر بالدستور.. بيد ان الانتخابات النزيهة تبقى حجر الاساس في الحياة الديمقراطية، ولن ستكون هناك عملية سياسية مكتوب لها النجاح من دون انتخابات سليمة وعادلة معافاة من ارهاب السلاح المنفلت وخساسة المال السياسي غير النظيف، ومخاطرالتدخل الخارجي المرفوض قطعاً.
5 ـ سيظل الهم الاساس هو التغيير الديمقراطي المدني العادل. حيث سيشكل فضاءً سياسياً مطلوباً وحضارياً وبالضرورة القصوى، الذي يمكن ان تجرى به انتخابات قوامها العدالة وهدفها الحفاظ على مصالح الشعب والوطن وارساء وترسيخ مفهوم حكم المواطنة والاغلبية النزيهة.. اللاغي لاية هوية فرعية من شأنها تمزيق وحدة ابناء شعبنا العراقي . ان التغيير لم ولن يصنعه الا رواده والمؤمنون بفلسفته التي تؤكد دوماً وقطعاً بأن كل شيء في الحياة قابل للتغيير والتطور والتحول وان البقاء للاصلح دون منازع وان طال او قصرالزمن ..