1 ـ هل يمكننا الاكتفاء بالقول بان المطاف الاخير في اللوحة السياسية العراقية قد عكس اختلالاً في المعادلة السياسية، التي رسمتها انتفاضة تشرين مما يجعلنا نستسلم ونصاب بحالة التسمر.؟ ام ترغمنا الضرورة على تتبع اسباب وعوامل التقصير، نعم التقصير الذي تجلى بكرم غير مبرر بالخروج من ساحة الصراع الحقيقية " البرلمان " ومنح الفرص والاستحقاقات المشروعة الى الطرف المقابل من دون مقابل يذكر. كأنها هبة سلطان . فكان فعلها بمثابة " البلدوزر " لتعبيد الطريق امام حافلة التوافق والمحاصصة.
2 ـ صحيح من يضطر على التنازل وهو في حالة تنافس مختلة فيه الموازين، حينها لا يقوى على الاقرار او التصريح باسباب ضعفه، التي اجبرته على الخروج من حلبة الصراع. غير ان الامر لم يكن مرهوناً به فقط. انما يعود الى جمهوره والمراهنين عليه ايضاً، الذين يطالبونه بالتفسير لهذه الهزيمة كي تحصل القناعة، التي لا يبان أثر لاسبابها لحد الان، وثمة امل بالتعرف عليه في وقت لاحق. واذا لم يفصح عنها ستدار له الظهور بدرجة حادة متوجهة للبحث عن بطل اخر، بغية تحقق غاية هذه الجموع الثائرة . وهنا تكمن الخسارة المزدوجة المرة، لانها لا تقتصرعلى واقعة الخروج من الملعب. وانما الخروج من قلوب وامال جماهيره التي تنشد الخلاص من الهلاك الزاحف.
3 ـ وانطلاقاً من القناعة المطلقة بان حركة قوى التغيير لابد ان تنتصر.. يبقى التصور بسقوط منهج التوافق مهما بلغ محصوله. معولاً على عدم قدرته لاجتياز قناطر عبور متعددة.. التي من غير الممكن عبورها بيسر، طالما قوى التغيير، ما زالت ترفع نقطة نظام الاعتراض. الامر الذي حدا بالبعض ان يرى قنطرة عقد البرلمان غير ممكن عبورها لكنها قد تمت. وان قنطرة عملية انتخاب رئيس للجمهورية بعيدة المنال غير انها تمت ايضاً، كما وصل التصور بان قنطرة تشكيل الحكومة من غير الوارد اجتيازها. وكان الظن باستحالة تفكيك عقدة اتفاق الكرد على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية. في حين جرى انهاؤها بفعل تخلي الاطاريين عن التزاماتهم تجاه الاتحاد الوطني الكردستاني من خلال صفقة مع " البارتي ". رغم تحالف الاتحاد الوطني الكردستاني مع الاطار التنسيقي، ذلك التحالف الذي من دونه كان من المستحيل افشال التحالف الثلاثي في تشكيل الحكومة. فهو الذي كان عاملاً حاسماً في تشكيل الثلث المعطل.. في مطلق الاحوال يعد النكث به من أحابيل السياسية البراكماتية غير اللائقة.
4 ـ ان حراك التغيير لم و لن يغب حتى اذا غادر الشارع مؤقتاً . اذ ان مفاعيله في ديمومة متواصلة، ويتمتع بجهوزية جديرة بالاعتراض.. اذ انه مازال يتأبط موعداً للنزول الى الشارع في يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، مجدداً لمطالب الانتفاضة التشرينة، ولا ننسى الهبّة العاشورية الباسلة، احتجاجاً حول اعادة تشكيل حكومة التوافق المرفوض شعبياً. كما اعدت قوى التغيير مشروعاً متكاملاً لطرح بديل منتظر ينطوي على برنامج الشامل، مكرساً لحل الازمة العراقية، وايقاف الفوضى والخراب والفشل، بغية الحفاظ على بقية العراق المنهوب في اقل تقدير، واقامة نظام المواطنة والعدالة الاجتماعية. الذي سيكون كفيلاً باسترجاع سيادة البلد والشروع بالتنمية الاقتصادية والبشرية.
5 ـ ليس لشعب العراقي المجروح الكرامة والمنهوب الثروات الوطنية، الا ان يدعم حراك التغيير باعتباره الحامل لمطالب جموع الجماهير، والساعي الى العبور بسفينة الاغلبية الوطنية، الى صوب الخلاص والاصلاح وتغييرالواقع المزري، الذي يعيشه العراقيون. هذا ما يؤكد ثبات الاهداف الوطنية، التي ليست مرهونة باشخاص او امزجة موسمية. ولا نغالي اذا ما قلنا انها ستدوم ما دامت حياة الشعب وعافية الوطن على كف عفريت، اذ انها تمخضت عن هذه الجحافل الثائرة والباحثة عن{ وطن وحق وعدالة } لقد بات شعبنا اكثر تصويباً لقراره. وهذا مبعث تفاؤلنا رغم ميلان توازن القوى في السلطة ليس لصالح الشعب والوطن.