البرلمان هو السلطة المشرّعة والمراقبة وايضاً المحاسبة. ان كل هذه المهام المعززة بصلاحيات دستورية. لو طبقت لكانت " تشفي العليل " كما يقال، الا ان برلماننا العتيد كان على الدوام يستهل دوراته بتشريع امتيازات لاعضائه ، كما انعطف وتعاطف مع امور لا تعدو عن كونها اهدافاً سياسية فئوية بعيدة عن هموم العراقيين، ولا تمت لواجباته الاساسية باية صلة، متناسياً ما يلزمه الواجب التشريعي القيام به، كونه السلطة التشريعية. ان هذا البرلمان المكوناتي الفيئوي قد غداً مؤخراً لا يمثل الاغلبية من ابناء الشعب العراقي كما ينبغي، وبخاصة على اثر انسحاب الكتلة الصدرية، ان الادهى من ذلك مقاطعة اوسع الجماهيرالتي يحق لها الانتخاب. وبذلك اخذت الاقلية المهيمنة عليه تبعد حتى الاغلبية النسبية التي تتكون في داخل اروقته ازاء امر معين. وابرز شاهد حي هو ما جرى لكتلة تحالف { انقاذ وطن } الفائزة الاولى في الانتخابات.
وقد تجلت هذه الدراما السوداء بمهزلة سياسية” الانسداد " مما غدت مدعاة للتندر و الانتقاد، من قبل المراقبين السياسيين، وكذلك من القوى الخيرة الشقيقة والصديقة. قبل المعادية للعراق، وكان المقطع الصارخ في هذه الدراما، قد تمثل بمفارقة مضحكة مبكية حيث خلصت الامور بخسارة الفائز الاول، وانتصار الخاسر البائس. هذا الذي لم يترك صفة سيئة الا والسقها بنتائج الانتخابات رافضاً لها متظاهراً ضدها.
غير انه سرعان ما استدار بدهاء واحابيل الخاسر الماكر، وكذلك كان مستغلاً لشدة التزام الفائز بقواعد الانتخابات، التي ارخت الحبل للطرف الخاسر ودفعته متحركاً لقلب المعادلة لصالحه. ولم تغب عن البال قرارات المحكمة الاتحادية التي لم تبعد نفسها عن دائرة التشكيك فيما تعلق بـ { الثلث المعطل } .. بجملة هذه المعطيات استطاع الخاسر ان يمسك بزمام المبادرة التي تمنحه الحق لاجل تشكيل الحكومة .
ومن الموجب التنويه عنه ان هنالك فرق بين الحق الدستوري بتشكيل الحكومة والقدرة على تنفيذ ذلك. اذ انه مرتهن بابعاد ظروفه الذاتية والموضوعية. سيما وان الصراع انتقل الى مستوى تناحري داخل الكتلة { الخاسرة الفائزة } والذي ينم عن تفكك " وحدة الاضداد "، ناهيك عن الشارع المحتقن المترقب بفارغ من الصبر. مع انه يمتلك القدرة على تصفير فرصة تشكيل الحكومة، وبخاصة اذا لن تبشر بما يحقق طموحات الجماهير بالتغيير المطلوب. هذه الاوساط الشعبية الحية، التي وكما يبدو قد غادرت حالة التحمل، كما انها ليست بوارد القبول بنسخ السيناريوهات الفاشلة السابقة، سواء كانت على مستوى الاشخاص او المناهج السياسية التي كانت قائمة على مذهب المحاصصة الفاسدة.
ان لسان حال اوسع الجماهير العراقية يقول: بما ان الخراب والفساد قد وصلا الى مستوى شمولي مطلق. اذن لابد ان يكون التغيير شاملاً ايضاً. و في ذات الوقت تعبيرعن رفض مطلق لعلاجات الترقيع التي واكبت الحال ما يقرب من عشرين عاماً عجاف قاسية على حياة الاغلبية المحكومة. فماذا ينتظر الناس من هذه الاقلية الحاكمة الفاسدة المغتنية بالسحت الحرام. لذا من المنطق الا يؤمل برجاء من فاسد لكي يصلح الامور.
غدت في هذه الايام تطرش اذان المواطنين كلمات الاصلاح الصادرة عن الفاسدين. ولكن لن يبقى من يسمع ويثق بالوعود المعسولة، لانها قد جربت طويلاً. لاسيما ان هنالك شارع مأزوم للاخر. بمعنى من المعان، ان المرجح الانفجار الكبير. ولا يخفى على عاقل ما معنى الانفجار الكبير. فهل يتعضون ويتداركون مصائرهم الغامضة، ويبادرون بحل البرلمان لكي يحل مكانه برلمان الحل للازمة القاتلة. ؟؟