لعبة أركان قادة الهزيمة السياسية التاريخية للأحزاب الموالية هي في استحضار بائس لسياسات المرحلة الأولى بعد احتلال 2003 وأدواتها أهمها إحياء نغمة الاحتراب الطائفي لكن هذه المرة بتنفيذ مجازر دموية دون أغطية وشعارات سياسية.

لم تعد قراءة الخارطة السياسية في العراق بحاجة إلى جهود معلوماتية أو خبرات سياسية وإعلامية كبيرة، فالنظام السياسي المعنون “الشيعي” من دون سند من دستورهم الذي وضعوه، نظام لا يسمح قادته بالتفريط به وخسارته كما يعلنون الآن هم ومناصريهم عبر الفضائيات، حين تسألهم: ماذا يعني الفشل الانتخابي بمقاطعة أكثر من 80 في المئة من الناس وهزيمة الذين كانوا يخططون للسيطرة على البرلمان ليصبح برلمان الميليشيات، أليس ذلك فشلا لنظام تدعون أنه شيعي والطائفة المقهورة منه براء؟ يجيبون: إنها مؤامرة أميركية – سعودية – إماراتية ضد “دولتنا وحشدنا الشيعي

ترديد نظرية المؤامرة ناتج عن فراغ سياسي، لهذا وجدنا نوري المالكي أكثر قادة الأحزاب ولعا بنظرية المؤامرة وأكثرهم صدقا في ما بعد، بإعلانه فشلهم جميعا تشكيل ما سمي بالإطار التنسيقي الولائي بإعلان رسمي لانقسام ما سمي بالبيت الشيعي ولمواجهة الخرق، الذي أحدثه فوز كتلة مقتدى الصدر أمام هزيمة ما تسمي نفسها قوى “المقاومة” الشيعية في العراق

.خطوة الإطار التنسيقي هذه استحضار سياسي سطحي لأمجاد تلك الأحزاب ومنتسبيها عام 2005 حين شكلوا “الائتلاف الشيعي الموحّد” وأوهموا بسطاء الشيعة في ذلك الوقت بأنهم يمثلون خيار مرجعهم علي السيستاني، وزعوا صوره في الشوارع والساحات إلى جانب رقم كتلتهم الموحّدة في ذلك الوقت، وصدرت ما تشبه الفتاوى من بعض رجال الدين مثل “مَنْ لا ينتخب الائتلاف العراقي تَحرُم عليه زوجته

”.في ترتيب إيراني مُتقن أوكل لذلك الائتلاف الشيعي الموحّد عام 2005 بجميع فصائله، حتى تلك التي حاربت ميدانيا الاحتلال العسكري الأميركي إلى جانب فصائل عراقية “سنيّة”، عدم التفريط بإعلان هوية مذهبية لنظام العراق الجديد، حيث خُدعت بالصياغات الدستورية الموجهة من مرجعية النجف أطراف محسوبة على التيار الليبرالي والقيادات الكردية التي كان همّها تثبيت حقوق الأكراد وهم معذورون في ذلك وبعض السنة المتخلفين سياسيا

.كان الفوز الانتخابي رسالة ملغومة لشعب العراق بأن هذه الأحزاب ممثلة للمكون الشيعي ذي الأغلبية السكانية كما يقال، ليصبح الفوز الوسيلة السحرية للسيطرة على مرافق الحكم في العراق وخداع الأكراد وممثلين بائسين من السنة بالشراكة الكاذبة. لكن في الجانب الثاني كانت تلك الأحزاب توحي للجميع بأنها ممثلة لأول حكم شيعي في جغرافية العرب بحجة أن السنة حكموا العراق منذ الدولة العثمانية ومن ثم تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921، مع أن الشيعة شاركوا في حكم العراق عبر كل الحكومات الملكية والجمهورية وخاصة في عهد النظام السابق

.رغم ما عانته طائفة رئيسة من عرب العراق من قتل ممنهج لفئة الكفاءات التي خدمت الوطن وترويع وتدمير ونهب ممتلكات الناس وإذلال لعلية القوم، لكن في النهاية انكشفت حقيقة قادة المشروع الطائفي من اللصوص والكذابين أمام من كانوا يعتقدون أنه جمهورهم من المكون الطائفي “الشيعي”، فكانت ثورة أكتوبر 2019 لحظة الإعلان الحقيقي للهزيمة السياسيّة النهائية حتى وإن استمروا إلى هذه اللحظة في الحكم

.لهذه الأسباب السياسية وغيرها من معطيات الواقع اللوجستي الذي أنتجته ثورة الشباب العراقي، كانت ردة فعل المصدومين من انكشاف الحال، المتحمّسين لإنجاز الحلقات النهائية من مشروع ولاية الفقيه في العراق هي الأداة الوحيدة للمافيات، القتل والترويع، وليست الحلول السياسية التي تفرض مداواة الفشل بالاعتراف بالأخطاء مثلا

.غالبية ما يقال في وسائل الإعلام العراقي التابعة للأحزاب الشيعية أو العربي الخليجي خاصة المهادن لنظام الفساد أو في مواقع التواصل الاجتماعي المشتراة بالمال العراقي المسروق حول نتائج الانتخابات وهي فاصلة عابرة أمام حالة الانهيار الكبير إنما هي محاولة غبيّة فاشلة وصرف للأنظار لإنقاذ الهزيمة الشاملة للنظام السياسي، عبر تجزئتها وتحويل نتائج الهزيمة الكبرى إلى جزئيات فنية بفشل انتخابي في عدد الأصوات هنا وهناك يمكن حلها عبر التوافق بين الأطراف الشيعية المتحكمة زورا بمصير العراق

.لعبة أركان قادة الهزيمة السياسية التاريخية للأحزاب الموالية، والتي ترهلت وتفككت نتيجة ضخامة خزائن المال المسروق من قوت العراقيين خاصة مدن الوسط والجنوب، هي في استحضار بائس لسياسات المرحلة الأولى بعد احتلال 2003 وأدواتها، وأهمها إحياء نغمة الاحتراب الطائفي، لكنّ هذه المرة بتنفيذ مجازر دموية دون أغطية وشعارات سياسية، هي تعبير عن انتقام لحظي طائفي مثاله المؤلم مجزرة ديالى صاحبة الإرث الطويل في مواجهة القتلة

.دائما في مثل هذه اللحظات القاتمة يلجأ الخاسرون المهزومون إلى خيار الدم، مثال جريمة ديالى في السادس والعشرين من أكتوبر يكشف مستوى الانهيار التاريخي، ورغم فداحة الفجيعة لأهل المقدادية من سنّة وشيعة فإنها شعلة مضيئة على طريق الخلاص

.كانت الذرائع الحكومية وبيانات الرئاسات الثلاث والبيانات السخيفة لبعض الأحزاب بتحميل المدعو داعش المسؤولية دون التجرؤ على قول كامل الحقيقة بأن هذه المنظمة الإرهابية هي فصيل خادم لمن يدّعون المقاومة والممانعة داخل وخارج العراق

.صدمة الانتخابات الأخيرة عطّلت آمال الأحزاب وميليشياتها بالتسريع بإقامة الدولة الميليشياوية المطلوبة بعد قيام برلمانها. سبب تلك النتيجة الانتخابية المرفوضة من تلك الأحزاب هو أن أغلبها لم يقرأ الواقع العراقي الحقيقي، حيث من الصعب قيام أنموذج عراقي يحكمه الحشد الشيعي كمثال للحرس الثوري الإيراني، كما تجاهلوا التاريخ السياسي العراقي وقرأوه من زاوية طائفية قائمة على مغالطات تاريخية مصادرها من ولاية الفقيه المرشد الأعلى خامنئي

.جانب تفصيلي مهم يعطي تفسيرا للانفعالات العسكرية المرتبكة خلال الأيام الماضية ومعاقبتهم للمواطنين العراقيين في محافظة ديالى العراقية، هو أن نتائج الانتخابات في جانبها السياسي كشفت كذب قادة هذه الأحزاب من خلال تقاريرهم إلى ديوان ولي الفقيه في إيران عن حجوم وهمية وسيطرتهم على الشارع العراقي

.إن القدرات السياسية لتلك الأحزاب منذ عام 2019 قد انهارت رغم بدائيتها وانغلاقها على المفاهيم الطائفية المقيتة، فتقدمت الحلول العسكرية القمعية، وإشاعة الخوف والرعب بين المواطنين تحت عناوين حواضن دواعش من العرب السنة، لاستكمال إبادتهم وتغيير ديموغرافية مدنهم، والعنصر الجديد هو إخماد الصوت الشيعي العربي المناهض لسياساتهم في محافظات الوسط والجنوب المناهض بقتل وترويع الشباب

.ولأن القيادات السياسية للميليشيات الولائية لا تمتلك الحدّ الأدنى من معايير العمل السياسي، بل تعتبر السياسة خزعبلات الضعفاء، لذلك تلجأ اليوم كرد فعل على الخسارة السياسية إلى حمل البندقية وتجديد مناخ عام 2006 في تفجير مرقد الإمامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء وما تبعه من سلسلة تفجيرات المساجد وقتل الأبرياء واختطاف المئات

.كانت مخاوف الكثير من العراقيين وأهالي ووجهاء ورؤساء عشائر المتضررين من أفعال الميليشيات في محلها، أن يتم إنزال العقاب المسلح على مدنهم وقراهم بعد أن تعذّر تنفيذ خيار الصدام العسكري في بغداد داخل المنطقة الحكومية الخضراء لنصائح داخلية وخارجية. هكذا حصلت مجزرة قريتي “الهواشة ونهر الأمام” في المقدادية بمحافظة ديالى، مزدوجة المصدر تشاركت فيها الميليشيات مع داعش حيث تم قتل الأبرياء العراقيين من الشيعة والسنة لهدف واحد هو استكمال مشروع الهيمنة الإيرانية على العراق

.لقد وضعت أحزاب الميليشيات الولائية حلفاءهم من السياسيين وحكومة الكاظمي الحالم برئاسة جديدة من دون ثمن يقدمه أمام أحد خيارين: إما قيام عراق شيعي إيراني وإما الذهاب إلى الفوضى والحرب الأهلية

.من تسمي نفسها معارضة أو حكومات منفى أو جبهات هي نشاطات إعلامية فردية بعضها مدعوم من جهات استخباراتية دولية أو إقليمية بغرض التشويش وإعاقة قيام معارضة وطنية جادة

.بعد قرابة التسعة عشر عاما على الحكم الظالم الفاسد للأحزاب الإسلامية الشيعية في العراق بإشراف ورعاية الولايات المتحدة ونظام خامنئي الإيراني، تصبح أحكام وتوصيفات العراقيين لمعارضة الأمس حاكمة اليوم أكثر قربا من الموضوعية. بل إن ألفاظ وعبارات المعجم السياسي تبدو نافرة عما هي عليه هذه الأحزاب من واقع متدن أقرب إلى مساجلات المتخاصمين على حصص النهب منها إلى عالم السياسة.

حَكَمتْ، وما زالت تحكم، مقاييس وحقائق التاريخ الإنساني ومعتقدات الشعوب، التي تحررت من قيود العبودية بأنواعها الكهنوتية والاستعمارية، بالعزل والعقاب على الجماعات التي انحرفت وتعاونت بأرذل أنماط العمالة مع المحتل وتفاخرتْ وتجبّرتْ لوقت قصير لكنها تلقت في النهاية جزاءَها بالقصاص النهائي العادل بالإعدام أو السجن المؤبد ترافقهم لعنات شعوبهم.

وساعدت بصورة غير مباشرة سياسة نظام صدام حسين على قيام معارضة عميلة لطهران نفذت العمليات الانتحارية بالتفجير والتخريب خلال سنوات الحرب العراقية – الإيرانية، في أول تسويق لهذا النمط الإرهابي في العراق والمنطقة، الذي واصله في ما بعد تنظيما القاعدة وداعش. وبرر النظام السابق عدم استجابته لدعوات الوطنيين العراقيين بقيام نظام ديمقراطي تعددي بحالة الحرب الاستثنائية وعمالة أحزاب الإسلام السياسي وبعض القادة الكرد لطهران. لو تحققت خطوة التعددية لما سمعنا اليوم بحزب الدعوة أو المجلس الأعلى وسلسلة العناوين التي تجاوزت أعدادها المئة.

غالبية هذه التنظيمات كانت بنادق قتل مأجورة تتعارض عملياتها الإرهابية مع أبسط حقوق الإنسان. يتذكر المعاصرون لفترة الثمانينات سلسلة التفجيرات الانتحارية لمقرات إعلامية ودبلوماسية بينها تفجير سفارة العراق في بيروت عام 1981، التي نفذها حزب الدعوة وقتل خلالها 60 موظفا مدنيا،

في الحادي والعشرين من أبريل 1983 فجر انتحاري من المجلس الأعلى بوابة الإذاعة والتلفزيون، بعد أن فشل في اقتحام المبنى، توفي خلالها الملحن محمد عبد المحسن وبعض جنود الحماية، وأصبتُ شخصيا بمرض السكري بسبب شدة الانفجار.

لم يكترث المعارضون السابقون الموالون لطهران للوثة العمالة التي تغلفوا بها، بل رحّبوا وشجعوا مشروع الاحتلال الأميركي رغم علمهم بما نُفذ من قتل وتدمير في واقعتي عاصفة الصحراء وثعلب الصحراء عامي 1991 و1998، وانبهروا بلقاء القادة الأميركان صاغرين مرحبين. كبيرهم وصغيرهم مُعَمَميهم وملتحيهم و”أفنديتهم”، كانوا أقزاما صعاليك. كنا نشاهدهم عن قرب، في فندق لندني أقام فيه مبعوث جورج بوش، زلماي خليل زادة ينتظرون لقاءه لإبلاغهم أسماء المدعوين لمؤتمر لندن، في مشهد يشبه مشهد انتظار التلاميذ نتائج امتحانهم.

أطراف المعارضة العراقية الإسلامية الشيعية وجدت في المشروع الأميركي خلاصها الوحيد من الضياع والتشتت والإحباط في مقاهي وحسينيات لندن وأزقة دمشق ومذلة اللجوء في طهران. لم يتوقعوا حتى في أحلامهم أنهم سيصبحون حكاما للعراق. ليصبح في ما بعد، من كان يتقاضى معونات الإعاقة النفسية من بلدية لندن، رئيسا لوزراء العراق، كان المطلوب أميركيا استبعاد الكفاءات وإحلال الجهلة في إدارة مسيرة الهدم والتدمير.

من بين قادة الإسلام السياسي الشيعي هناك من حضر إلى واشنطن مُحمّلا بمباركة ولي الفقيه على احتلال العراق، مُفتخرا بتقبيل جبين المجرم بوش دون اكتراث لوضعه عمامة النسب إلى النبي محمد على رأسه.

البعض الآخر تريث قليلا لاستكشاف حجم مكانته وموقعه المستقبلي، مارس التقيّة متظاهرا بمعارضته للاجتياح العسكري، فوقّعَ بيانا مع رفيق النضال الأيديولوجي في الإسلام السني بلندن، وتم تبريره ونسيانه حين أصبح الاحتلال حقيقة، فقَبِل الالتحاق بديلا عن سابع الستة في قيادة المعارضة، وتم استبعاده لكونه يضيف رقما على العرب السنة في لعبة المحاصصة الشيعية – الكردية – السنية التي صنعت بخبث وبراعة.

احتوى بيان مؤتمر لندن للمعارضة على تسويق مُتقَن فاشل للكذب ومخادعة شعب العراق حين رفض في إحدى فقراته “أي صيغة من صيغ الاحتلال أو الحكم العسكري المحلي أو الأجنبي أو الوصاية الخارجية أو التدخل الإقليمي”.. يا للكذبة الكبرى.

الأكثر إيلاما بالنسبة إلى العراقيين فتوى مرجعية علي السيستاني بعدم مقاومة المحتل الأميركي والبريطاني حسب التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بتاريخ الرابع من سبتمبر 2003.

مَرويّات المعارضة العراقية قبل 2003 غالبها مُخجل، لكي لا نُعمم ونظلم بعض المعارضين لسياسات نظام صدام من الوطنيين الشرفاء والمتمردين من داخل الدولة العراقية.

كان من الطبيعي أن يُنتِج هذا المعمل البضاعة الفاسدة خلال سنوات الحكم الثماني عشرة التي تحمل العراقيون ببطولة أوزارها، مع عدم تبريرنا لحالة الخَدَر وعدم الاكتراث لتفصيلاتها اليومية. لأن مثل هذا النوع من العملاء والفاسدين يحتاجون إلى ردود بمستواها.

المشكلة الكبرى أن قوى النفوذ التي أشرفت على ما حصل في البلد تواصل تجديد مشروع التدمير باتجاهين: الأول، دعم النظام القائم وأحزابه وتعزيز استمراره عن طريق تزكيته بالشعار الديمقراطي. والثاني، منع قيام معارضة وطنية جادة قادرة على إعادة الوطن إلى أهله.

من بين أكثر الأساليب وحشية منع تطور الاحتجاجات والمظاهرات إلى ثورة شعبية تسقط النظام الفاسد، إضافة إلى تنفيذ مجازر ميدانية على يد الميليشيات وبعض الأدوات الحكومية المُخترقة من مخابرات الحرس الثوري الإيراني، تتزامن مع حملات تشويه رخيصة لنزاهة الشباب الثائر، واستدراج بعض فعاليات الثوار الشباب الذين دخلوا الانتخابات الأخيرة عن طريق عزلهم عن ميدانهم الحقيقي وإسقاطهم في مستنقع المال والجاه.

الأساليب الأكثر مكرا لمنع قيام تنظيمات معارضة وطنية في الخارج داعمة للعمل الوطني السلمي الداخلي، ما يحصل هذه الأيام من مظاهر إعلامية لقيام تشكيلات معارضة، بعضها منطلق من دوافع مبدئية أصيلة لعراقيي المنفى، لا صلة لها بالأجندات الخاصة للدول أو أجهزة المخابرات الأجنبية، والتي لا تفكر أصلا بتغيير النظام القائم.

من تسمي نفسها معارضة أو حكومات منفى هي نشاطات إعلامية فردية، بعضها مدعوم من جهات استخباراتية دولية وإقليمية، بغرض التشويش وإعاقة قيام معارضة وطنية جادة. طالعتنا في الأيام الأخيرة بعض نماذجها.

عميل يقوم بتوزيع دعوات دعم لما يسمى حكومة منفى مدفوعة الثمن على مواقع التواصل الاجتماعي، أو يظهر جالسا وخلفه واجهة لقصر فخم، قد يكون فندقا أو واجهة لحانة قمار، تستفز العراقيين، يطلب الانضمام إليه وإلى حكومته الكارتونية.

الصنف الثاني من المعارضة هي التشكيلات الوطنية التي ظهر بعضها منذ عام 2003 في الخارج. وخلال هذه السنوات ظهرت عناوين لمنتديات أو لجان علاقات عامة شعبية أوروبية – أميركية، أو تنظيمات داخل العراق لم تختلف جديّا مع النظام القائم رغم نقدها لسياساته العامة. هذه الأصناف رغم نزاهتها لم ترتق إلى المستوى السياسي الجدّي الذي يثير قلق مجموعة الفساد الحاكمة في بغداد.

مؤتمرات وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي لا تلتفت إليها حتى القنوات الفضائية العربية، مثلما كان عليه الحال قبل عام 2003 حيث كانت هناك أجندات للدول الراعية لتلك القنوات.

لا شك أن الطريق الجدّي لمعارضة مجموعة الفساد والاستبداد وإزاحتها وإقامة البديل الديمقراطي ليس سهلا، يحتاج إلى إرادة قوية فردية وجماعية. يجب ألا يتوقع المعارضون من الصنف الوطني الصادق أن تُمدّ لهم أيادي العون، فالقوى الإقليمية، وبينها عربية ودولية، لم تعد مُكترثة بدعم معارضة جادة، بعد أن كانت تنفذ أجندات تدمير العراق. وقد حصل ذلك.

طهران خامنئي مستعدة لتنفيذ مجازر جماعية بأدواتها ضد شعب العراق حين تشعر بمخاطر إزاحة هذا النظام عبر معارضة وطنية عراقية جادة.

رغم هذه التفصيلات المؤلمة لم يكن طريق النضال الوطني سهلا عبر التاريخ. هذا الطيف الواسع من عناوين المعارضة الوطنية العراقية الجادة، المُعلنة أو غير المُعلنة، يمكن أن يتحوّل إلى قوة سياسية مؤثرة في الأحداث العراقية داخليا وخارجيا. معارضة لا تنتظر من الحكومات العربية أو الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أن تعطف عليها وتدعمها ماديا أو معنويا. ويشتغل ناشطوها المخلصون على بناء برنامج حركتهم وفق رؤية وطنية مشتركة بمشروع سياسي تعدّه لجنة تحضيرية يعرض على مؤتمر عام تنبثق عنه قيادة عمل للداخل والخارج.

عرض مقالات: