تشتد لعبة " جر الحبل" فيما يحصل في الساحة العراقية، حيث غدت تنذر بانقطاع الحبل وسقوط طرفي اللعبة الى الخلف على ظهورهم كنتيجة فيزيائية متوقعة. حينها يأتي موج الجماهير المتطلع للعدالة ونظام المواطنة الذي يلغي طموح النهب والفساد، بمعنى ستتحرك عجلة التغيير. وهنا السائل لن يتردد عن الإئذان بأعلى صوته عن حلول موجبات تمهيد طريق التغيير، اي العمل على تنضيج متطلبات هذا المنعطف المصيري.
ان الاستقطاب الحاد المعبرعن الازمة العامة في البلد. لم ولن تمتلك القوى المتصارعة القدرة على الانتصار به ضد بعضها، لكونها مازالت تعيش كل منها في شرنقة ذاتية مغلقة. كما انها لم تع ما يعتمل من استنفار ساخن في الفضاء الوطني. لكن يلزمنا الاستدراك كي لا نتجنب الانصاف لبعض اطراف الصراع التي بدأت تقترب من ارادة الجماهيرالواسعة، وتتلامس مع منهج التغيير. متوجهة نحو ايجاد الحل المطلوب للازمة الرهنة. بيد ان هذا النفس الوطني بقى متسماً بالون الرمادي، وغير حاسم مما يجعل الناس في حالة ترقب قلق. وذلك بما يطرحه من نوايا غير مفهومة، المتمثلة بالاستعداد للذهاب الى المعارضة.. متخالفاً مع ارادة الجماهير التي انتخبته بغية تغيير المعادلة السياسية.
من الوهم عدم اعطاء اهمية للزمن.. نقولها لكون التعويل على المعارضة والتضحية بالفرص التي تصنعها الجماهير لقاء ثمن باهظ، وعدم التمسك بعروة المبادرة والاقدام، سيضيّع الوقت الفريد الذي لا ولن يعوض.. ولا يخلّف سوى السماح للتلاعب بصائر العباد والبلاد، من خلال منح قوى الفساد والفشل فرص اخرى للمضي اكثر في غيهم المدمر. واذا ما تصور البعض ان هنالك ثمة خشية من ترك القوى المحاصصة ان تذهب الى المعارضة متوقعاً انها ستكسب القدرة على التوسع عبر التماهي مع المعارضة الوطنية الممتنعة عن الانتخابات. فهذا قمة الوهم السياسي. ولا يدخل ضمن نظرية " وحدة وصراع الاضداد" قطعاً لن الاختلاف بينهما تناحري.
اذ ان المعارضة الرافضة للمنهج السياسي الحالي التي تجلت بموقفها الممتنع عن المشاركة في الانتخابات، والتي شكلت خمسة وسبعين بالمئة من جملة اصوات الناخبين، هي مبحرة على ظهر سفينة التغيير، وتتميز بكونها حاملة لهموم الغلابة المهضومة من قبل الكتل الحاكمة المتحاصصة .. وهذا بحد ذاته يمثل " جداراً صينياً " وبوناً شاسعاً بينها وبين هذه الاوساط المتمسكة بالنهج الذي رفضته الجماهير جملة وتفصيلاً.. فلا توجد مشتركات ولا اي جامع بين معارضة الفاشلين مع تلك التي تنشد التغيير. اما في حالة الوجود المشترك في ساحة المعارضة، فلكل منهما اهدافها المتعاكسة مع الاخرى. ويجدر قول هنا إن القوى المتنفذة المطالبة بـ { التوافق } من المستحيل القاطع ان تقبل بالذهاب الى المعارضة .. لان ذلك يعني لها السير في طريق " الصد ما رد " .. لاشك انها تدرك بان نهضة المعارضة الوطنية غايتها التغيير، اما هي فتطالب بارجعها الى سدة السلطة والاسستمرار بالنهب والفشل. وهنا مفترق القطيعة التامة.