أفضت الانتخابات العراقية عن نجاح ذات القوى ولكن بنِسَب نجاح مختلفة، رغم فوز عدد محدود من قوى جديدة، لكن القوى القديمة ظلت هي صاحبة القدرة على التحكم بأمور البلاد وثرواتها، وسن القوانين التي تخدم مصالحها، ولجم كل القوانين والإجراءات التي لا تخدم مكتسباتها ومغانمها من أموال الشعب العراقي.

وبما أن الجماهير التي خرجت في تشرين ٢٠١٩ بمظاهرات مليونية عارمة وقدمت مئات الضحايا من شباب العراق، قرابين للتغيير، وتمكنت من إسقاط الحكومة وإلغاء مجالس المحافظات واستقطاع مقدار من مبلغ رواتب النواب، وسن قانون جديد للانتخابات ...  وكان هدفها ليس تغيير في النظام وإنما تغيير النظام، المبني على المحاصصة الطائفية الحاضنة الأمينة للفساد ونهب ثروات البلاد بطرق يعجز الشيطان عن إدراكها.

بيد أن الانتخابات المبكرة التي دعت إليها الانتفاضة التشرينية، رغم انها لم تكن مبكرة حقاً لتعطي ثمارها في وقتها حيث كانت الأمور آيلة لتحقيق الكثير من المكاسب لصالح الشعب لكنهم أخروها لكي تبرد الأمور، المهم أن جهد الانتفاضة ومخاضها، أدى لولادة ذات القوى الحاكمة التي تنهب البلاد طيلة ١٨ عاما.

وظلت مقومات وأسباب الانتفاضة هي عينها ، لأن  القوى الحاكمة بالعراق لم تتعظ بدروس انتفاضة تشرين التي زلزلت الأرض تحت أقدامهم ودعت بعظهم الى إرسال عائلته قبله الى خارج الوطن  ، وعادت الآن الى المراهنة على صبر الشعب  الذي خبر ألاعيبهم  ،وعدم اكتراثهم بمصالح المواطنين ولا حتى مصالح الوطن عموماً ،  بل واضافوا على محن الناس ، محنة صراعهم على المغانم ، والتي لو اندلعت وتطورت فإنها ستؤدي بأرواح كثيرة من الشباب العراقي  ، وهناك بعض من يعتقد ان مقاطعة الانتخابات  قد حرمها من السواد الانتخابي الجزيل الذي أدى إلى فوز القوى الصدرية بعدد كبير من المقاعد ، على الرغم من ظهور نفس القوى ولكن بنِسَب مقاعد مختلفة ، وهذا الكلام لا يمس جوهر القضية وهو التغيير الذي يعني عملياً ترك المحاصصة الطائفية كألية حكم ، حاضنة للفساد والفاسدين  ، وسن قانون انتخابات عادل ،وقانون أحزاب صارم في أحكامه ، وانتخاب مفوضية انتخابات نزيهة وحرفية ومستقلة، وجمع السلاح بيد الدولة ، لمنع الصراع المسلح وحل الأمور عن طريق القوة المسلحة. المهم أوصلتنا الانتخابات المبكرة التي ضحى من أجل تحقيقها مئات الشبان، الى السباق الى الكراسي وما يتطلبه من تحالفات تتم على حساب مصالح الشعب، وسيادة واستقلال البلاد، الأمر الذي سيرفع سقف المواجهة بين الشعب الجائع والمغدور، مع قوى السلطة الى درجات خطيرة يقف على انتصار أحد الفريقين مستقبل العراق ...ولندع القوى الفائزة بالانتخابات، تتصارع على المغانم وتتحالف وترشي بعضها بالمناصب الحكومية، لكن الشعب العراقي في هذه الآونة الأخيرة لا يمهلهم طويلاً باللعب بمقدراته ومستقبل ابنائه ، وان غداً لناظره قريب .

عرض مقالات: