- تحتل المؤسسة العسكرية الوطنية موقعاً رئيسياً بين أجهزة الدولة السيادية انطلاقاً من طبيعة وظائفها المتمثلة بحفظ سيادة البلاد الوطنية، وضبط تناقضات طبقاتها الاجتماعية والحفاظ على تطور الدولة وقدرتها الدفاعية. وتزداد أهمية تلك الوظائف من المخاوف الناتجة عن ضعف الدولة الوطنية وتراجع قدراتها على مكافحة النهوج التخريبية التي يحملها الطور المعولم من التوسع الرأسمالي الحامل لقوانين التبعية والتهميش.

- انطلاقاً من الخشية على مستقبل الدولة الوطنية ودورها في ضبط نزاعاتها الطبقية وتصديها للاختراقات الخارجية نتوقف عند أدوار المؤسسة العسكرية عبر تحولات نظم الدولة السياسية من خلال المفاصل التالية –

أولاً - المؤسسة العسكرية ودورها في التحولات الوطنية.

ثانيا –المؤسسة العسكرية والنظم الاستبدادية.

ثالثا – المؤسسة العسكرية والمليشيات المسلحة.

اعتمادا على الموضوعات المثارة نسعى الى تحليلها بتكثيف بالغ.

أولاً - المؤسسة العسكرية ودورها في التحولات الوطنية.

- لعبت المؤسسة العسكرية أدوارا رئيسية في الكفاح الوطني المناهض للهيمنة الكولونيالية رغم نشوئها بإرادة خارجية متمثل بمساهمة الدول الكولونيالية في انشاء الجيوش الوطنية بهدف الدفاع عن مصالحها الاستعمارية في الدول المستعمرة.

- بهذا المسار شكلت المؤسسة العسكرية دور الحاضن السياسي للأفكار الاستقلالية وبناء السيادة الوطنية وبهذا المعنى يمكن اعتبار المؤسسة العسكرية القاطرة الوطنية للثورات السياسية والانقلابات العسكرية ضد الهيمنة الخارجية.

- ضعف الطبقات الاجتماعية في التشكيلات الكولونيالية أتاح للمؤسسة العسكرية أدواراً رئيسية في التخلص من الهيمنة الخارجية تماشياً وبنيتها الانضباطية المرتكزة على-   

1-البناء المراتبي

البناء المراتبي للمؤسسة العسكرية وما يشترطه من خضوع الوحدات الدنيا الى المراكز الأعلى مكن الجيوش الوطنية من بناء تنظيمات مسلحة قوية قادرة على انهاء الهيمنة الاستعمارية.

2- الروح الانضباطية   

-- ارتكاز البنية المراتبية في المؤسسة العسكرية على الروح الانضباطية في تنفيذ المهام العسكرية وتبعية المستويات الدنيا الى المستويات العليا.

3 - سرية التحرك

- سمحت البنية العسكرية للجيوش الوطنية بسرية الصلات التنظيمية بين ضباط الوحدات العسكرية الامر الذي منع انكشاف التنظيم العسكري من قبل أجهزة الدولة المخابراتية.

4 - تنفيذ الأوامر العسكرية  

- سمات المراتبية والآمرية المتلازمة وبناء المؤسسة العسكرية اعتمدت الروح الانضباطية والتنفيذ اللامشروط للأوامر العسكرية.

-- السمات المشار اليها المتلازمة وانتشار الروح الوطنية في صفوف الكادر القيادي للجيوش الوطنية أتاح الفرصة لبناء تنظيمات عسكرية سرية مناهضة للتواجد الأجنبي وقادرة على تنفيذ انقلابات عسكرية.

ثانيا –المؤسسة العسكرية والنظم الاستبدادية.

-انتجت الثورات والانقلابات العسكرية نظما سياسية استبدادية مترابطة وروح المؤسسة العسكرية واستنادا الى ذلك حملت مرحلة الاستقلال الوطني كثرة من السمات الأساسية نتوقف عند أهمها –

-- بسبب ضعف الطبقات الاجتماعية في التشكيلات الوطنية اقامت المؤسسة العسكرية نظما وطنية - استبدادية معتمدة على أجهزة امنية منشغلة بمكافحة القوى الوطنية والديمقراطية.

-- شهدت مصر الناصرية وثورة تموز العراقية اشكالا متنوعة من الاضطهاد السياسي وتحريم النشاط السياسي للقوى الديمقراطية الامر الذي أتاح الفرصة للقوى المناهضة للثورة محاصرة السلطات العسكرية واجهاض إجراءاتها الوطنية.

- اضطهاد القوى الوطنية - الديمقراطية أتاح الفرصة لإعادة بناء القوى السياسية المناهضة للثورة الوطنية ومهد الطريق امام انقلابات عسكرية يمينية.

- سمات النظم الديكتاتورية العسكرية ترافق واعتماد القوى الوطنية – الديمقراطية على استراتيجيات فكرية مثالية عابرة للخصائص التاريخية الملموسة.

الأنظمة الاستبدادية التي اقامتها المؤسسة العسكرية والقوى اليمينية المضادة لها نجمت عن عوامل أساسية أهمها -

 1- نجاح الثورات الوطنية نتج عن تأثر المؤسسة العسكرية بنضالات الأحزاب الوطنية وانتصارات الدول الاشتراكية.

2 – تبلور الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية وقواها الطبقية بمساعدة خارجية.

3- ضعف الطبقات الاجتماعية أفرز أحزابا متصارعة على أهداف مثالية بدلا من المهام الوطنية الملموسة.

4- صراعات الأحزاب السياسية لم تكن نتيجة لتناقضات مصالح طبقية، بل جاءت تعبيراً عن برامج أيديولوجية.

5- ساعدت النزاعات الأيديولوجية بسيادة النظم العسكرية الإرهابية وما نتج عنها من تراجع وظائف الدولة الدفاعية - الاقتصادية والسياسية.

 ثالثا – المؤسسة العسكرية والمليشيات المسلحة.   
ـ أطاحت التدخلات الدولية والاحتجاجات الشعبية بالنظم الاستبدادية وأفرزت حراكا شعبياً قادراً على بناء أنظمة سياسية ديمقراطية بديلة.

-- التدخلات العسكرية الخارجية نتجت عن كثرة من الإشكالات السياسية وأفرزت حزمة من المصاعب الوطنية نحاول إيجازها بموضوعات مكثفة ـ

ــ جاء الاحتلال الأمريكي – البريطاني للعراق وانهيار دولته الوطنية نتيجة للنهوج العدوانية للنظام الاستبدادي واستخدام مؤسسته العسكرية في قمع الحركات الوطنية والديمقراطية.

-- تحويل بنية المؤسسة العسكرية التنظيمية الى مؤسسة حزبية وتنامي روحها العدوانية ضد مكونات تشكيلتها السياسية ودول الجوار الإقليمي.
ــ تفكيك المؤسسة العسكرية العراقية من قبل المحتلين الأمريكان أوقع البلاد في فوضى سياسية واجتماعية، نتج عنها ظهور مليشيات مسلحة تابعة لأحزاب وحركات سلفية.

-- ظهور المليشيات المسلحة ترافق ونتائج كارثية على الدولة العراقية تمثل ب--
أـــ ترابط انتقال سلطة الدولة السياسية من الاحتلال الأمريكي الى القوى السياسية المتنفذة وتوجهات أحزابها السياسية الطائفية.

ب - هيمنة الأحزاب الطائفية المتنفذة على مؤسسات الدولة أعاق بناء سلطة وطنية- ديمقراطية منبثقة من مصالح البلاد الوطنية.
ج ــ بناء المؤسسات السيادية بروح الولاءات الطائفية والقومية وما نتج عن ذلك من تحول البلاد الى مسرح لعمليات الإرهاب السلفي ضد القوى الوطنية.
دـــ لجوء قوى الطائفية المسلحة الى العنف السافر بسبب ضعف الكتلة الوطنية الديمقراطية القادرة على معافاة البلاد من محنها السياسية والاجتماعية.

- بناء الدولة الوطنية الديمقراطية يرتكز كما أرى على الموضوعات التالية   –  

اولاً-- بناء تحالف وطني - ديمقراطي يرتكز على تعزيز وظائف الدولة الدفاعية وأبعادها عن النزاعات الحزبية.

ثانياً-- حصر الوظائف الدفاعية –الأمنية بأجهزة الدولة الوطنية وتجريد المليشيات من وظائفها العسكرية واعتبار سلاحها مصدرا للصراعات الأهلية.

ثالثاً— تطوير سلطة الدولة الوطنية عبر إشاعة العمل السياسي الديمقراطي وعلنية البرامج السياسية للأحزاب الوطنية.

رابعاً - بناء علاقات إقليمية – دولية على أساس احترام المصالح الوطنية- الدولية.

خامساً – اقامت علاقات سياسية – اقتصادية مناهضة لقوانين التبعية والتهميش.  

عرض مقالات: