من ظواهر الإنحدار في المجتمع العراقي، التي غذتها الثقافة الطائفية، ظاهرة الإستعلاء، والتنابز بالأنساب.

الظاهرة بدأها صدام حسين، حين نشر شجرة نسب زورها له خدمه، تربطه بآل بيت نبي الإسلام، لينتحل قدسية دينية، تغطي على جرائمه التي أفردت له مكانة راسخة بين أحط البشر.

وتطورت هذه الظاهرة في ظل حكم أحزاب المليشيات الطائفية لتصبح هوسا شعبيا، رفع من حجم الطلب على نصابين إنتحلوا صفة ((نسابين)) أي عالمون بالأنساب، ومأصلون لها، ليوزعوا على كل من يشعر بالوضاعة، أشجار نسب مماثلة. لشجرة صدام حسين، مقابل مبالغ مالية متفاوتة القيمة، ولم يقتصر الأمر على الأفراد والأسر، بل صارت قبائل وأفخاذ، بكامل أفرادها تشتري نسبا علويا زائفا، لتتفاخر به أمام القبائل الأخرى التي سبقتها في الشراء والأنتحال. حتى صار من النادر أن تجد عراقيا غير علوي النسب في المناطق ذات الأغلبية الشيعية.

أن هذه الظاهرة تلقي على عاتق علماء الإجتماع، والمتخصصين بعلم النفس الإجتماعي مهمة النهوض بدراسة هذا المنحى الخطير، الذي يشير الى تعمق الشعور بالضعة والمهانة بين أفراد المجتمع على أختلاف تراتبيتهم الأجتماعية، وسعيهم الى معالجة ذلك باللجوء الى لتزوير، بدلا من السعي لاستعادة الثقة بالنفس، عبر محاربة التعالي. ودراسة إفرازات كل ذلك على البناء النفسي للفرد العراقي، وعواقب الظاهرة ككل على المستويين الفردي والجمعي.