شاهدنا اليوم المؤتمر الصحفي للحزب، والذي لم يتلق الحاضرون من قيادة الحزب، المزيد من الأسئلة التي كنا نأمل أن تغطي الحدث الهام، باستثناء بيان الحزب الذي القاه الرفيق رضا الظاهر، وسؤال من صحفي للرفيق أبو رواء الذي خصص مساحة واسعة من الوقت للإجابة وكانت توضيحات لموقف الحزب من الانتخابات نتيجة الاستفتاء الذي توصلنا به وتمت الإجابة وبشكل دقيق وصريح بخصوص المشاركة في الانتخابات القادمة بالإجابة بنعم أم لا. وهذا الإجراء يراد منه المشاركة الواسعة لاتخاذ القرار، والابتعاد عن اتخاذ القرار على مستوى القيادة، وهنا نثمّن رؤية الحزب الثاقبة في اتخاذ القرار الجماعي لكيلا ترمى المسؤولية في هكذا قرار حازم على هذا الطرف دون ذاك. وفي اعتقادي، أن قيادة الحزب وضمن قراءتها لطبيعة الأحداث المعقدة التي يمر بها البلد واشتباك الأفعال والقرارات وسلطة التحكم ممن يمتلكون موقفا خطيرا لهذا الحدث الهام، سيما أحزاب السلطة ومسؤولوها ومن يدور في فلكهم، لأن العراق يمر بمرحلة حرجة للغاية ولا يمكن التهاون بإجراء انتخابات مصيرية ستنقل البلاد من حالة الى أخرى، قد تكون حاسمة لتحديد مستقبل العراق، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، فلا وجود لقيادة جريئة وصارمة لإيقاف المهازل التي تحدث يوميا في الشارع العراقي، ولا من سبيل لسحب أسلحة المغامرين من الشوارع وبشكل سافر وصبياني، ولا من إجراء حقيقي لإيقاف نزيف الفساد المستشري في كل مفاصل المؤسسات وبمباركة أحزاب السلطة الحاكمة، والتلاعب بمقدرات البلاد وتوزيع ثروة البلاد بشكل تعسفي وظالم دون أدنى إحساس بخطورة رعب الفساد هذا والذي تباركه وتدعمه وتتبناه المحاصصة المقيتة والطائفية التي استشرت في العراق بشكل يثير التقزز والاستنكار من لدن كل شرائح المجتمع العراقي. ناهيكم عن مسلسل الاغتيالات المتواصل وبشكل علني دون محاسبة أو تحديد الفاعل، أو من يدفعه، ثم الاختطافات والتغييب الذي ما توقف يوما بحق شباب رافضين لهذا النظام السياسي الذي لا يمكن لأي مراقب مهما بلغت قدرته التحليلية على تصنيفه أو فهم ملامحه ونواياه وخطورة أفعاله بالإضافة الى العديد من الملفات الغامضة والتي لا توجد النوايا لكشفها وفضح فرسانها.

ان العراق يمر اليوم بمرحلة في غاية الخطورة، جاءت عبر تراكم أخطاء وممارسات سياسية عرجاء واستهتار سافر بكل شيء، من لدن ساسة طارئين لا يميزون بين المراحل الكارثية التي يمر بها الوطن، بل ويمضون غلوا وافعالا لا يقرها حتى الأطفال، والدليل على ذلك ركام الأخطاء التي لا تعد ولا تحصى والتي حولت العراق الى مجرد بلد منزوع السيادة والثروة والتخطيط وقدرة الانتقال من المرحلة الصدامية الى ما هو ارحب واكثر تطورا في البناء والتعمير واسعاد الناس، ورغم ذلك نجد هؤلاء الساسة وكأنهم غير قريبين لما يجري من دمار وكأنه ليس من ممارساتهم ونواياهم التخريبية القاتلة وأفعالهم المشينة، انهم يختبئون تحت جلودهم، وكأن الخراب الذي واجهه العراق وما زال لا يعنيهم وليسوا هم المسؤولين عن الأهوال التي يعيشها الناس بكل شرائحهم وأطيافهم، وهم ينتمون لأغنى واعرق بلد في العالم.

إزاء كل هذه الفواجع والمعاناة، والساسة يريدون أن يظلوا على ذات النهج بانتخابات مشكوك بنزاهتها سلفا، فمن هذا المغامر والمخاطر بحياته وهو إما مرشح أو متوجه للتصويت وبنادق العصابات المنفلتة تنذرهم بالشر والويل والثبور.

تلك هي المهزلة التي لا ينبغي للمجتمع الدولي السكوت عنها ومواصلة الصمت المريب، دون أن تصدر منهم أية مبادرة لانتشال العراق من هذه المحنة الحقيقية، سيما المحتل الأمريكي الذي جاء بهؤلاء النكرات وسلمهم سلطة القرار ليتركهم يلعبون بالعراق (شاطي باطي)، ذلك ما يريده العراقيون من المجتمع الدولي والأمريكان لتصحيح المسار، فهم المسؤولون الحقيقيون الذي ينبغي أن توجه لهم أصابع الاتهام، لا أن يأتوا بفلول وقطعان لا تريد للعراق أي خير وتسعى للانتقام، فتحقق لهم ذلك.

ولم يتبق للعراقيين سوى إيجاد طرق الخلاص من تلك الثعالب الماكرة، فهم من التزييف والنفاق والرياء ما يجعلهم يتمادون أكثر في الخراب، وليس أمام الكادحين والمتضررين والمطالبين بالدم العراقي المهدور، إلا الوقوف صفا واحدا باتجاه التغيير الجذري، واتخاذ موقف حقيقي من الانتخابات التي يقينا ستُبقي دار لقمان على حالها، ليستمر مسلسل الخراب.

تحية للحزب الشيوعي العراقي على هذه القراءة الدقيقة للواقع العراقي واتخاذ هذا الموقف الموضوعي والقارئ الجيد لواقع الحال، لئلا يتحملوا مسؤولية المشاركة في الانتخابات وسط هذه الفوضى التي تهيمن على العراق من أقصاه لأقصاه.    

‏24‏/07‏/2021

عرض مقالات: